الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 2 مايو 2021 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
العليقة لم تحترق
«وَظَهَرَ لَهُ مَلاَكُ الرَّبِّ بِلَهِيبِ نَارٍ مِنْ وَسَطِ عُلَّيْقَةٍ» ( خروج 3: 2 )
في تلك العُلّيقة المحترقة التي رآها موسى، نجد صورة رمزية لأعظم حادثة خارقة للطبيعة حدثت في تاريخ الدهور. إن النار الملتهبة تُخبرنا عن الله «لأَنَّ إِلَهَنَا نَارٌ آكِلَةٌ» ( عب 12: 29 )، والعُلّيقة تُخبرنا عن الناس، المساكين الخطاة العصاة، في جفافهم وعُقمهم وعدم نفعهم وعدم انتاجهم أي ثمر لله. فإذا ما نزل الله مرة، وهو نار آكلة وديان للشر، في وسط عُلّيقة البشرية الجافة العقيمة، فماذا تكون النتيجة؟ لا شك أنها نتيجة واحدة مؤكدة هي: احتراق العُلَّيقة. هذا هو فكر الإنسان الطبيعي، ومن هنا نشأت رغبته في إبعاد الله عنه. وإن ما حدث في سيناء يؤيد هذا الرأي، فهناك في ذلك الجبل المُخيف - وهو نفس الجبل الذي فيه حدثت أول مقابلة لموسى مع الله - أعطى الله الناموس، وحينئذٍ غطت قمته سحابة، وخرجت منها بروق ورعود، واضطرم الجبل بالنار. وعندما تكلم الله إلى الشعب خافوا جدًا واستعفوا من أن تُزاد لهم كلمة، وطلبوا من موسى أن يكون وسيطًا بينهم وبين الله.

أجَلْ، فإنه يُخيَّل إلينا ونحن نتأمل في ذلك المنظر المُرعب أن الناس لا بد أن يحترقوا إذا ما نزل الله في وسطهم. ولكن هذا الفكر فاسد لأن الله الذي هو نور هو أيضًا محبة، وقد برهن على محبته في الوقت المعيَّن. وقد آن ذلك الوقت المعيَّن حينما وَلدت العذراء ابنها الْبِكْرَ «وَقَمَّطَتْهُ وَأَضْجَعَتْهُ فِي الْمِذْوَدِ» ( لو 2: 6 ). وهنا منظر لملائكة الله؛ منظر حرَّك جمهورهم بالسجود والتسبيح لأن اسم ذلك الطفل «عِمَّانُوئِيلَ الَّذِي تَفْسِيرُهُ: اَللَّهُ مَعَنَا» ( مت 1: 23 ). فطفل مذود بيت لحم كان هو المرموز إليه بالنار المشتعلة في العلّيقة «اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ ... تَرَاءَى لِمَلاَئِكَةٍ» ( 1تي 3: 16 )، جاء الله في وسط الناس، والناس لم يحترقوا!

سافير
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net