الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الجمعة 18 سبتمبر 2015 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
بُطل المعونة البشرية
وَلَكِنْ لَمْ يَذْكُرْ رَئِيسُ السُّقَاةِ يُوسُفَ بَلْ نَسِيَهُ ( تكوين 40: 23 )
طالت المدة وزادت الضغوط، ولم يجد يوسف إجابة من الرب تسعفه وتطمئنه، وصمت السماء كان سببًا في مزيد من حيرته. ساءت به الأحوال وزادت أحزانه، طال انتظاره وخابت توقعاته وآماله. لبس ثياب السجن، وأكل طعام السجن، وعايش المساجين وهو البريء. الشيء الذي خفَّف عنه أنه كان يواجه التجارب بضمير هادئ ومستريح أنه لم يفعل خطية وأنه في المشيئة الإلهية. ظل يخدم المساجين ويخفِّف عنهم رغم أحزانه. كان معه ساقي ملك مصر وخبازه؛ رآهما مغتمَّان فسألهما عن السبب. قالا له: «حلُمنَا حُلمًا وليس مَن يُعبِّره». وبتلقائية تامة قال لهما: «أ ليست لله التعابير؟ قُصَّا عليَّ». لم يفقد الثقة في الله ولا في الأحلام، مع أن تجربته كانت مُفشلة للغاية في هذا الشأن. فسَّر الحلم للساقي وبشَّره بالأخبار السارة أنه بعد ثلاثة أيام سيرفع فرعون رأسه ويرُدُّه إلى مَقامه. وبتلقائية عَشم فيه أن يذكره لفرعون ليُخرِجه من الحَبس، ولم يكن هذا أمرًا عسيرًا أو مُكلِّفًا. وعَدَه الساقي بالوفاء لكنه بالأسف لم يفعل، ولم يذكره بل نسيه.

ظن في ضعفه الإنساني بعد أن مضت عليه إحدى عشرة سنة أن الرب قد تركه والسيد قد نسيه، فلجأ إلى المعونة البشرية، وكان بالحقيقة مظلومًا ومهجورًا، لكنه تعلَّم أنه لا نفع يُرجى من عون إنسانٍ، وأنه باطلٌ هو خلاص الإنسان. حلَّ به الإحباط وانتُزع كل رجاء في النجاة، لكنه عاد ينتظر المواقيت الإلهية، مُسلِّمًا نفسه بين يدي الرب الحانية، واثقًا أن الأمور دائمًا بين يديه. كان يصرخ من الذل، وكانت الإجابة مزيدًا من الذل، إلى وقت مجيء كلمته.

وحدث من بعد سنتين من الزمان، أي بعد أن صار له ثلاث عشرة سنة في الذل والحرمان، أن الرب أشرفَ بنفسه على الأحداث وحرَّك الأمور لصالح يوسف، وكان ذلك من خلال حُلم فرعون. والساقي الذي نسيه بعد يومين تذكَّره بعد سنتين! أسرعوا به من السجن ليعتلي العرش، وتبدأ سنوات الرِفعة والمجد والإكرام الإلهي على غير توقع، ويظهر أن الله حقيقة حية، وأنه يرى ويُجازي، وأنه يعمل الكل حسنًا في وقته، ويجعل كل الأشياء تعمل معًا للخير للذين يحبونه. وفي النهاية استطاع أن يقول: «الله أنساني كل تعبي وكل بيت أبي»، بل إن «الله جعلني مُثمرًا في أرض مذلتي» ( تك 41: 51 ، 52).

مهما يَكُنْ طَريقي وسْطَ الظلامْ
أنَلْ بفضلِ رَبِّي حُسْنَ الخِتامْ

محب نصيف
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net