الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأربعاء 16 سبتمبر 2015 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
السقوط يبدأ بفكرة
إِنِّي قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكِ امْرَأَةٌ حَسَنَةُ الْمَنْظَرِ ... قُولِي إِنَّكِ أُخْتِي، لِيَكُونَ لِي خَيْرٌ بِسَبَبِكِ ( تكوين 12: 11 - 13)
هناك كيان لا نراه، لأنه يعمل خلف الستار، وكثيرًا ما لا نعمل له حسابًا لأننا لا نراه بالعيان، لكن كلمة الله تُعلِّمنا أنه وراء كل ما يحدث لنا من سقطات وضعفات. إنه الشيطان الذي يحاول بشتى الطُرق أن يَسبي أفكارنا ويشغلنا بأمور تبدو بسيطة في بدايتها، لكنها تنتهي بسقوط عظيم. وفي تكوين 12: 10-13 يكشف لنا الروح القدس كيف يعمل الشيطان من خلف الستار.

الأمر يبدأ أولاً بفكرة: «حدَثَ لمَّا قَرُب أن يدخل مصر أنه قال لساراي امرأته: إني قد علمتُ أنكِ امرأة حسنة المنظر». ولماذا الآن؟ إنها زوجته منذ سنوات طويلة، وهو بكل تأكيد يعلم أنها جميلة. مَن الذي وضع هذه الفكرة في ذهنه؟ إنه الشخص ذاته الذي وضع الفكرة في ذهن حواء لتأكل مِن الشجرة، وهو الذي وضع الفكرة في ذهن قايين ليقتل أخاه، وهو بذاته الذي دخل يهوذا وحرَّكه لكي يُسلِّم المسيح. وهو ذاته الذي يُحاول كل يوم أن يخترق فكرك، ويسبي ذهنك بأفكار شريرة تسلبك فرحك، وتحرمك مِن التمتع بالعلاقة الصحيحة والشركة المستمرة مع إلهك. يحاول أن يزعزع إيمانك، ويقلقل عزيمتك حتى تتراجع للخلف، وتقفد توازنك فتسقط.

والفكرة في بدايتها تبدو واقعية: لن يأتيك الشيطان بفكرة شاذة، أو غير مقبولة لعقلك في البداية، إنما دائمًا يأتي بأفكار تبدو معقولة وواقعية، فقد بدأ مع إبراهيم بأمور حقيقية، فبالفعل سارة حسنة المنظر، وبالفعل هي أخته. فالشيطان لا يبدأ بما يريده منَّا مباشرةً، إنما يُقدِّم الطُعم في البداية في شكل فكرة مقبولة وواقعية.

ودائمًا الفكرة الشيطانية لها وجهان: الوجه الأول أنها فكرة واقعية وحقيقية؛ أما الوجه الآخر فهو الوجه الحقيقي للشيطان، والهدف الرئيسي مِن إلقاء الفكرة، فكل فكرة شيطانية تحمل داخلها شرًا عظيمًا. هنا نجح الشيطان أن يُقنع إبراهيم وسارة أنه لا سبيل أمامهما إلا الكذب واللف والدوران، حتى يتجنَّبا بطش فرعون والمصريين. جعلهما ينسيان عظمة إلههما وقدرته، جعلهما يتغاضيان عن ذِكره، ويتجنَّبان الأخذ بمشورته. ملأ الصورة أمامهما بفرعون وعظمته، كما ملأ جليات المشهد أيضًا في يومه أمام الشعب فارتاعوا وخافوا جدًا ( 1صم 17: 11 )، وكذلك ملأ قلوب الرجال الذين ذهبوا ليتجسَّسوا أرض الموعد بضخامة وقوة بني عناق فصاروا كالجرَاد في أعين أنفسهم ( عدد 13: 33 ). فلنحذر مكايد العدو إبليس.

باسم شكري
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net