أنت أيها المؤمن العزيز مُتضَمَّن في العمل الرمزي؛ غسل الأرجل الذي في يوحنا 13، كما أنك مُتضَمَّن في صلاة المسيح لأجل خاصته في يوحنا 17. فيجب عليك أن تتذكَّر أن يسوع المسيح هو الذي غسَّلك بدمهِ، ولذلك لا تحتاج إلى تكرار ذلك الغُسل، بل تحتاج إلى غسل رجليك وتطهير طرقك فقط، وليس ذلك عند وقوعك في الخطايا التي يتنبَّه لها ضميرك فقط، بل كل حين، وهذا الغُسل يُجريه لك الرب يسوع في كل وقت من أوقات النهار والليل.
على أن بطرس كالكثيرين في أيامنا لم يفهم غرض الرب من هذا العمل، بل تصوَّر أنه مُحِط بكرامة سَيِّده أن يقوم بعمل كهذا، ولم يُدرك أن هذا العمل كان مظهرًا جميلاً تجلَّى فيه مجد ربنا يسوع المسيح الأدبي، ولم يعلم أن جبل التجلِّي نفسه لم يُظهِر ذلك المجد بلمعان أبدع ولا أجمل مما أظهره المِغْسَل والمِنْشَفَة في يوحنا 13. كل ذلك لم يُدركه بطرس الغيُّور، ولذلك لم يسمح في البداية للرب يسوع أن يغسل رجليه، أما وقد أعلَمه الرب بالنتائج المُريعة التي تنتج عن ذلك، صرخ قائلاً: «يا سيد، ليس رجليَّ فقط، بل أيضًا يديَّ ورأسي». وهذه كانت غلطة أخرى من بطرس المسكين الكثير الغلَط مع إخلاصه وسلامة نيته، ولكن الرب أظهر له أن الشخص بمجرَّد إيمانه به يُصبح طاهرًا طهارة تليق بعمل دمه الثمين «طَاهرٌ كله»، ولذلك لا يحتاج إلى تكرار الحصول على هذا التطهير «من أجل أن الخادمين، وهم مُطهَّرون مرَّةً، لا يكون لهم أيضًا ضمير خطايا» ( عب 10: 2 ).
أما الاعتقاد بالتطهير المُتكرِّر فيحط من قيمة دم المسيح، ويجعله في مستوى دم الثيران والتيوس، والحال أن التطهير بدم المسيح هو تطهير كامل أبدي يليق بقداسة الله، ولا يحتاج المُطَهَّر به إلا إلى «غسل رجليهِ»، وذلك لأن المؤمن ضعيف في نفسه ومُعرَّض للسقوط دائمًا، وفضلاً عن ذلك فهو عابر وسط عالم دَنِس يُدنِّس العابرين فيه، ولذلك فإن الرب يسوع لا يحلّ منطقته أبدًا حتى يقوم بغسل كل ما يعلَق بقدمي المؤمن من الأقذار أثناء مسيره اليومي، حتى يحفظه دائمًا في مركز الطهارة الذي أوجده فيه دمه الكريم. يا لها من نعمة كاملة، وكفاية حقيقية لنا في المسيح! فيليق بنا أن نُنشد قائلين: «مَن لي في السماء؟ ومعكَ لا أُريد شيئًا في الأرض» ( مز 73: 25 ).