الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 13 أغسطس 2015 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
داود بعد السقوط (2)
كَتَبَ دَاوُدُ ..إِلَى يُوآبَ.. اجْعَلُوا أُورِيَّا فِي وَجْهِ الْحَرْبِ الشَّدِيدَةِ، وَارْجِعُوا مِنْ وَرَائِهِ فَيُضْرَبَ وَيَمُوتَ ( 2صموئيل 11: 14 ، 15)
تأملنا في الأسبوع الماضي في بعض ما عمله داود بعد سقطته ، في محاولة منه، لا لعلاجها جذريًا، بل للتخلُّص فقط من آثارها. ونواصل اليوم المزيد من التأملات، فنقول:

(3) أخطأ يوآب خطأً حربيًا كان ينبغي لداود تعنيفه عليه، لكن يوآب عرف “كلمة السر” لامتصاص غضب داود؛ فقال للرسول: «فإن اشتَعَل غضب الملك .. فقُلْ: قد مات عبدُكَ أُوريا الحثِّي أيضًا»! وكل العجَب في رَّد داود: هكذا تقول ليوآب: لا يَسوء في عينيك هذا الأمر، لأن السيف يأكل هذا وذاك»! أ إلى هذا الحد فسدت مقاييسه، واعتبر الطالح صالحًا، ونافق مَن يستحق التوبيخ بل عزَّاه، والتمس العذر للتقصير، مُفرِّطًا في واجباته الحربية كملك؟!

إذا وجدنا أنفسنا في مثل هذا الحال، حال اعتلال المبادئ والمقاييس؛ فلنفحص أنفسنا جيدًا.

(4) ويتدهور الوضع أكثر، فعندما «مضت المناحة أرسل داود وضمها إلى بيتهِ، وصارت له امرأة وولدت له ابنًا»، وكأن شيئًا لم يكن! لقد اغتنم امرأة أُوريا! وكأن الله لم يرَ! وكأن لا مُعاصرون للحَدَث، أو لاحقون، قد تعثروا! وكأن الطفل هذا لم يكن من زنا! كأن شيئًا لم يكن بالنسبة لداود، لكن بالنسبة لله «أما الأمر الذي فعله داود فقبُحَ في عيني الرب». ومن له أُذنان فليسمع، وليهرب!

(5) أدخل غلطته “الأرشيف” ودفنها في مخازن النسيان، حتى إن القصة التي قصَّها ناثان عليه لم تشكِّل له أي لمس لضميره. بل الأكثر أن حميَ غضبه على الرجل موضوع القصة، وأسرع لإدانته بعنف. وهل تدري سر عنفه في الإدانة؟ إن إدانة الآخرين، وخاصةً إذا اكتسبت صفتي العنف والاستمرار، هي من الحيَل الدفاعية النفسية الشهيرة التي يتصرَّف بها الشخص تلقائيًا في محاولة لتخفيف ضغط نفسي عنده، وهو في حالتنا هذه الشعور بالذنب.

إن وجدت نفسك دائم الانتقاد للآخرين، ونقدك ليس لتصحيح أوضاعهم بل ما هو إلا إدانة فحَسب، وإذا وجدت أن هذا يتيح لك التنفيس عما بداخلك ويُشعِرك براحة وقتية؛ فأرجوك ارجع إلى نفسك، وادخل محضر إلهك، وابحث عما يسبِّب لك هذا التوتر، واطلب منه أن يُشير على كل خطأٍ وتقصير، وأن يقودك للتوبة والتغيير. قد تكون «أنت هو الرجل!»، ويوم تَعي ذلك ستبدأ رحلة الرجوع، وهذا ما حدث مع داود، وما أحلى الرجوع إلى إلهنا!

عصام خليل
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net