الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 28 يونيو 2015 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
حلقُهُ حلاوةٌ
شَفَتَاهُ سَوْسَنٌ تَقْطُرَانِ مُرًّا مَائِعًا ... حَلْقُهُ حَلاَوَةٌ وَكُلُّهُ مُشْتَهَيَاتٌ ( نشيد 5: 13 - 16)
إن كانت “شَفَتَا العريس” تُشيران إلى كلمات النعمة التي انسكبت مِن شفتي الرب إلى البشر الخطاة والمُعوَزين، فإن “حَلْقُهُ” يرسم أمامنا صورة أخرى؛ صورة داخلية أو باطنية أكثر مما للشفتين. والحلق لا يُشير إلى كلام الشفتين بل إلى حاسة التذوق أو بالحري إلى الحلاوة التي يتذوَّقها الفم، فهو يتفق في معناه مع قول العروس: «ثمرَتُهُ حلوةٌ لحلقي» ( نش 2: 3 ). فكأن كل ما تكلَّم به ربنا المبارك إلى البشر قد عرف هو أولاً قيمته الغالية؛ أي قيمة أقواله، وتذوق حلاوتها. إن كل ما تكلَّم به المسيح للبشر قد سمعه وقَبِله من الآب، فكان هو أول مَن ذاق حلاوته، وكأنه استطاع أن يقول بروح النبوة: «ما أحلى قولكَ لحنكي! أحلى من العسل لفمي» ( مز 119: 103 ). وإن كنا نحن بالإيمان نتذوق حلاوة كلام الله ونتلذذ به، فكم كانت كلمات الآب كلها حلاوة للابن! لقد كان المسيح مع الآب منذ الأزل، وكان هو الله «وكان الكلمة الله»، ولكنه نـزل من السماء ليصير إنسانًا. وإذ كان إنسانًا على الأرض كان هو في الوقت نفسه «الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب»، والذي استطاع الله بواسطته أن يُعلن كل ما في قلبه وفكره للبشر ليعرفوه ويعرفوا أفكار نعمته ومحبته. لقد كان هو الله الذي أخذ جسدًا وصار إنسانًا ليتسنى له أن يتقبَّل كل أقوال الله ويُقدِّرها كل التقدير ويتلذذ بحلاوتها، ومن ثم يُعلِنها للبشر ليجدوا هم أيضًا لذَّتهم وشبعهم في حلاوتها. وغاية الرب وغرضه هو أن تكون لنا شركة معه في كل ما يتلذذ به «كلَّمتكم بهذا لكي يثبت فرحي فيكم ...» ( يو 15: 11 ).

لقد كان المسيح - الابن الأزلي في حضن الآب منذ الأزل وإلى الأبد - أي كان في أقرب قُرب وصِلة بالآب، وإذ جاء في الجسد أصبح في أقرب قرب إلى البشر ليحدِّثهم بكل ما قاله الآب له «حلَّ بيننا». نعم لقد صار قريبًا منا جدًا «وكان جميع العشارين والخطاة يَدنون منه ليسمعوه ... هذا يقبل خطاةً ويأكل معهم!» ( لو 15: 1 ، 2). ففي المسيح نرى من الناحية الواحدة قُربًا كاملاً من الآب، كما نرى فيه من الناحية الأخرى قربًا كاملاً من البشر، وهذا ما يجعل علاقته بعروسه حلوة وعجيبة، فتستطيع أن تقول: «حَلقُهُ حلاوةٌ».

ومُعلَمٌ في رِبوةٍ وفيهِ أعجبُ الصفاتْ
وحلقُهُ حلاوةٌ وكُلُّهُ مُشتهياتْ
وسَنُزَفُ عن قريبْ لهُ في عُرسِهِ المجيدْ

متى بهنام
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net