الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 11 يونيو 2015 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
أبرام وتارح: الإيمان والاستحسان
وَأَخَذَ تَارَحُ أَبْرَامَ .. وَلُوطًا .. فَخَرَجُوا مَعًا .. لِيَذْهَبُوا إِلَى أَرْضِ كَنْعَانَ. فَأَتُوا إِلَى حَارَانَ وَأَقَامُوا هُنَاكَ.. ( تكوين 11: 31 ، 32)
نحن لا نعرف على وجه التحديد سبب خروج تَارَح من أور الكلدانيين مع ابنه أبرام والترحال نحو كنعان. من الجائز أن يكون سبب الخروج هو الاستحسان البشري، أو ربما الإعجاب الوقتي. جميل أن نستحسن الأشياء، لكن الأضمن لنا أن يكون الاستحسان أو الإعجاب مدفوعًا ومصحوبًا بعنصر إلهي فعَّال، ألا وهو ”الإيمان“.

الاستحسان لا يصلح أبدًا للاستمرارية وإكمال الطريق. ربما ينفع للبداية، لكنه لا يُعطي القوة والطاقة على إكمال المسير وتخطي الصعوبات والعقبات التي تواجهه في الطريق، لا سيما إذا كانت الرحلة من أور إلى كنعان، أو بالحري ”من الأرض إلى السماء“.

افتقر خروج تَارَح من أور لعنصر الإيمان، فتوقف عن إكمال المسير وتخلَّف في منتصف الطريق. لم يمكث في أور، ولا هو بلغ أرض كنعان، وأخيرًا نقرأ «وماتَ تارح في حاران».

من هذه الزاوية يُشبِه تارح ”المزروع على الأماكن المُحْجِرة“، حيث لم تكن له تربة كثيرة، فنبَت حالاً، إذ لم يكن له عُمق أرضٍ، ولكن لمَّا أشرقت الشمس احترق، وإذ لم يكن له أصل جفَّ. ذلك الشخص هو الذي حين يسمع الكلمة حالاً يقبلها بفرح، ولكنه ليس له أصل في ذاته، بل هو إلى حين. فإذا حدث ضيق أو اضطهاد من أجل الكلمة، فللوقت يعثر ( مر 4: 2 -20).

كان تارح سطحيًا وقلبه خاويًا من الإيمان، ومليئًا بالتربة المُحْجِرة. تخلَّف عن المسير بعد بداية الرحلة، وتوقف في حاران بعد أن سار أكثر من منتصف الطريق. بينما كان قلب الابن أبرام عميقًا، ومليئًا برؤيا إله المجد العظيمة. لقد شجعه عنصر خفي فعَّال هو ”الإيمان“، فبدأ الرحلة وأكمَل الترحال، وسار في الطريق حتى وصل كنعان. وهذا هو ببساطة الفارق بين استحسان الإنسان وما يعمله الإيمان.

لنتحذر كثيرًا جدًا أيها الأحباء من أن نبدأ عملاً بالاستحسان البشري، فدائمًا لا يستمر الاستحسان دون عمل الإيمان. ولنتحذر من أي قرار يُتخَذ دون الرجوع إلى الرب. وأيضًا لنتجنَّب الحنين إلى الماضي، فكم أضر هذا السهم المُلتهب وأودى بحياة الكثيرين.

وهكذا منذ آلاف السنين، ارتفع علم أسود فوق قبر قديم، في أرض حاران، لرجل تعثَّر في الطريق، ولم يبلغ أرض كنعان، وعلى الرخامة التي تعلو القبر نُقشت كلمات مُحزنة مُحذرةً: «وماتَ تارح في حاران».

شنودة راسم
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net