الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق السبت 28 مارس 2015 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
قصور العاج والأوتار
مِنْ قُصُورِ الْعَاجِ سَرَّتْكَ الأَوْتَارُ ( مزمور 45: 8 )
نحن نحصل على العاج عن طريق موت كائن حي. فمن أنياب الأفيال نحصل على العاج. ولكي يعمل سليمان كرسيًا عظيمًا من العاج ( 1مل 10: 18 ) كان يجب أن تموت أفيال كثيرة، ولكي يبني أخآب بيتًا من العاج ( 1مل 22: 39 ) كان يجب أن تموت أفيال أكثر، أما هنا فنحن لا نقرأ عن عرش من العاج، أو بيت أو حتى قصر من عاج، بل نقرأ عن قصور من عاج! فكم تكلَّف هذا من تضحية لا حد لها؟ لكن هذه التضحيات الفائقة لم تتحملها الأفيال البريئة، بل تكلَّفها ابن الله الكريم نفسه.

ويمكننا أن نرى في قصور العاج، كما في الجنَّات التي في سفر النشيد ( نش 6: 2 مز 45: 7 )، صورة للاجتماعات المحلية. ومن قصور العاج هذه يُسَرّ الرب بالأوتار. فنحن كمؤمنين يَسرُّنا الدهن الطيِّب؛ دهن الابتهاج ( عب 13: 15 ؛ 133: 2)، عندما يعزينا الروح القدس بالأفراح النازلة من السماء. لكننا بدورنا نُصعِد بالروح القدس نغمات وترنيمات أوتار قلوبنا، تلك الترانيم التي تصعد إلى السماء لتُسِر الله (عب13: 15). وكم يُسَرّ الآب حقًا أن يجد قلوبًا تُرنِّم بملء المحبة والتقدير لشخصه!

«من قصور العاج سَرَّتك الأوتار» .. ويمكننا أن نرى في الأوتار حكمة الإنسان وسيطرته على الطبيعة لإخراج نغمات رائعة. فالوتَر عبارة عن مادة مُعيَّنة، تشكَّلت بتشكيل مُعيَّن، وشُدَّت على آلة بقوة مُعيَّنة، لتُخرِج نَغَمة جميلة عندما تُضرَب بأسلوب مُعيَّن. ولكل وتر نغمة خاصة به، وعندما تُضرَب هذه الأوتار، تُخرِج لنا لحنًا جميلاً رائعًا يشنف الآذان ويطربها. وفي هذا نرى عبقرية الإنسان التي ظهرت من قديم الزمان، والتي نرى بدايتها في تكوين 4. لقد استطاع الإنسان أن يسيطر على الطبيعة لكي يُخرِج منها أصواتًا ونغمات جميلة. لكن بكل أسف، لقد أفسَد الإنسان كل شيء، فلم تَعُد أصوات التعبُّد والسجود لله هي التي تصعد إلى الله، بل هناك أصوات أخرى تتصاعد، أصوات صراخ وصياح؛ لا صوت الحناجر، ولا حتى الموسيقى الصاخبة، بل صراخ الخطية التي تصعد إلى عرش الله ( تك 18: 20 ؛ يون1: 2).

غير أننا نحن، ومن الآن، لنا أن ننشد ونرنِّم لسيدنا وسط عالم مليء بالضوضاء والتشويش، لنا أن نرنِّم ترنيمات الحمد والشكر لذاك الذي أحبَّنا وأسلَم نفسه لأجلنا. أما كمال السجود والتسبيحات فستتصاعد منَّا عندما نَرى في السماء خروفًا قائمًا كأنه مذبوح.

يوسف رياض
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net