الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 1 مارس 2015 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
المُخلِّص يطلب الخلاص!
خَلِّصْنِي يَا الله، لأنَّ الميَاهَ قَدْ دَخَلَتْ إلَى نَفْسِي، غَرِقْتُ في حَمْأَةٍ عَمِيقَةٍ، ... تَعِبْتُ مِنْ صُرَاخِي ( مزمور 69: 1 - 3)
مَن هو هذا الذي يصرخ طالبًا الخلاص؟ إنه الأسد الخارج من سبط يهوذا، المخلِّص الذي ليس بأحدٍ غيره الخلاص، والذي قال عنه موسى في أعظم شدة تَعَرَّض لها هو والشعب: «قفوا وانظروا خلاص الرب»! غير أن الأشرار عند الصليب، كما تُخبرنا عنه البشائر، سَخروا منه وتهكَّموا عليه قائلين: «أما نفسه فما يقدر أن يُخلِّصها» ( مت 27: 42 2كو 13: 4 ). ونحن نعلم أنه لو كان الأمر يتوقف على قدرته في أن يُخلِّص نفسه، ما كان أسهل ذلك عليه، لكن المسيح لم يستعمل قوته عند الصليب. كان في مقدوره لو استعمل قوته أن يفني الإنسان والشيطان أيضًا، لكن هذا ما كان يؤدي إلى فدائنا. بل لكي يفدينا كان لا بد أن يدفع ثمن فدائنا. والثمن كان أن يذوق بنعمة الله الموت. ونتذكَّر أن الكبش الذي قدَّمه إبراهيم ليفدي به إسحاق ابنه كان مُمسَكًا في الغابة بقرنيهِ، أي لم يكن مُصرَّح له باستخدام قوته. كلا، لم يكن الصليب مجالاً لاستعراض قوة الله، والمسيح «صُلِب من ضعف» (2كو13: 4).

وحقًا يا للعجب أن المُخلِّص يطلب الخلاص (ع1)، والفادي يطلب الفداء (ع18)، ومُستجيب الدعاء يطلب ثلاث مرات سرعة الاستجابة له (ع13، 16، 17)!‍‍

يقول المسيح: «خلِّصني يا الله»؛ وذلك لأنه جاء لا ليُخلِّص نفسه، بل ليُخلِّص الآخرين عن طريق موته. فمَن يُخلِّصه هو إذًا؟ إنه يقول: «خلِّصني يا الله»، وتفسير هذا القول العجيب نجده في عبرانيين 5: 7 «الذي في أيام جسده، إذ قدَّم بصراخٍ شديد ودموع طلبات وتضرُّعات للقادر أن يُخلِّصه من الموت (أي يُخلِّصه من قبضة الموت، بالقيامة من الأموات) وسُمِعَ له من أجل تقواه».

وهو يصرخ هذه الصرخة المدويَّة، صرخة أقوى رجل عرفه التاريخ، لأنه كان هناك يواجه الله في يوم حمو غضبه، ويدفع أجرة خطايانا!

تأملي يا نفسي وأطيلي التفرُّس في هذا المشهد الرهيب! تأملي سيدك القدوس صارخًا لأجلِك وهو فوق الصليب! تأملي واسجدي له بكل الورَع والخشوع.

لكن هذا كله مرّ وفات، والآن فإن المسيح مُكلَّل بالمجد والكرامة، جالس في يمين عرش العظمة، بعد أن أكمل خلاصنا.

فهل هُناكَ الله قد تَرككَ؟ وعن صُراخِكَ بعيدًا قد غَدَا؟
فالآنَ في الوجهِ الذي قد أُفسِدَ نقرأُ مجدَ اللهِ فائقًا بَدَا

يوسف رياض
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net