الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 31 ديسمبر 2015 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
إيليا عند نهر كريث
فَانْطَلَقَ وَعَمِلَ حَسَبَ كَلاَمِ الرَّبِّ، وَذَهَبَ فَأَقَامَ عِنْدَ نَهْرِ كَرِيثَ الَّذِي هُوَ مُقَابِلُ الأُرْدُنِّ(1ملوك 17: 5)
يا لها من طاعة دقيقة أنشأها الإيمان في إيليَّا! وعندما نتأمل النبي في مكان سُكناه الجديد بجوار النهر، وحيدًا منعزلاً وسط الصخور والأدغال، نتساءل: هل كان يشعر بالملَل نتيجة الوحدة؟ بلا شك. هل كان يخاف إذا سمع حفيف الحيَّات على الصخر، أو أصوات الوحوش في الغابة؟ ربما. لقد كان هناك حبيسًا من أجل الرب إطاعةً لأمره. لم يكن معه إنسان يؤنس وحدته ويُسلِّي غربته. لكنه كان يختبر في كل يوم أنه عزيزٌ على قلب الرب، وموضوع رعايته واهتمامه. لقد أُجبِر على الانفراد مع الرب والحديث معه.

كان الرب رفيقه الذي يُعزِّيه ويُشجِّعه ويُجدِّد قواه، حيث لم يجد إنسانًا يحكي معه أو مُجتمعًا يحتكُّ به، ولم تكن عنده مسؤوليات تأخذ وقته. وكانت هذه الفترة فرصة عظيمة لفحص النفس والصلاة والاختلاء مع الله دون ما يقطع هذه الخلوة.

كان كل ما حوله ينطق بدروس عظيمة لنفسه عن الله. ففي الصخور كان يرى صخر الدهور الذي لا يتغيَّر. وفي النهر العذب وجد إنعاشًا من المحبة الإلهية العطوفة المتدفِّقة نحوه. ولعله كان يفكِّر في عظمة ذلك الإله الذي يُفجِّر عيونًا في الأودية، بين الجبال تجري، تسقي كل حيوان البر. وفي الأشجار المظلِّلة كان يرى شجرة التفاح التي يستريح تحت ظلها كل مَن أعيا في البرية. أو كان يتأمَّل في ذلك الرجل الذي في ناموس الرب مسرَّته، فيكون كشجرة مغروسة عند مجاري المياه التي تعطي ثمرها في أوانه وورقها لا يذبل. وبالإجمال كان كل ما في باطنه يُسبِّح الرب ويتغنَّى بعظمته.

لقد قاده الرب إلى هذا المكان الذي هو «مُقابل الأردن». و”الأردن“ معناه ”الموت“. وكان عليه أن يتدرَّب ليكون له في نفسه حكم الموت بإزاء رغباته الطبيعية الأرضية. فإذا سمح الرب لنا بالعزلة وأن نُترَك بلا عمل، فلا ينبغي أن نفشل. لأن الرب سيُغيِّر فينا ويُشَكِّل في أوانينا في هذه الفترات. سنتحرَّر من الرياء والتمثيل أمام الناس، وسنتعامل مع الله الحي الحقيقي بإخلاص وواقعية. وسنتذوق حلاوة الشركة مع الله، وسنتخلَّى عن الذات، ونقبل إرادته.

بكل تواضع انحنى إيليا أمام الرب، واثقًا في قيادته ولم ينطق بكلمة. وكان قلبه ثابتًا مُتكلاً على الرب. وما وعد به الرب كان فيه النَعم والآمين، ولم تسقط منه كلمة بل الكل صار.

واحدًا أرجوهُ ربي أن أراكَ بجواري
مالئًا عقلي وقلبي كل ليلي ونهاري يا حبيبي

محب نصيف
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net