الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأربعاء 30 ديسمبر 2015 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
الصليب والعالم
حَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بِهِ قَدْ صُلِبَ الْعَالَمُ لِي وَأَنَا لِلْعَالَمِ ( غلاطية 6: 14 )
أول حق نتعلَّمه من صليب المسيح حقيقة وماهية قلب الإنسان من نحو الله، وليس مثل الصليب مُعلِّمًا لهذا الحق. ولا يوجد شيء يُمكنه أن يكشف قلب الإنسان ويفتش مخبآته نظير صليب ربنا يسوع المسيح، فهو الميزان الكامل الصحيح الذي وزن هذا العالم، والمسبار الحق الذي سبر غور القلب البشري، والمقياس الذي قاس الخطية قياسًا دقيقًا. فإذا شئنا أن نعرف العالم تمامًا، فعلينا بالصليب، ولسنا نحتاج إلى أقل أو أكثر من الصليب. ولمَّا صرخ الإنسان قائلاً: «اصلِبهُ! اصلِبهُ!»، شفّ صراخه عمَّا في قلب البشر، وأزال الستار عن حالته الحقيقية أمام الله. وعندما صُلِبَ ابن الله، أكمل الإنسان إثمه وشره الأدبي، إذ إنه فضَّل لصًا وقاتلاً على المسيح، واختار السرقة والقتل بدلاً من النور والمحبة!

إننا ميَّالون أن نحكم على العالم حكمًا مبنيًا على معاملته لنا، فنتكلَّم عن فراغه وخيانته، حقارته وخِسَته، خداعه وضلاله، بنسبة ما يُجريه معنا، ولذلك نُخطئ في حكمنا عليه. فإن رغبنا أن نحكم حكمًا حقًا، ينبغي أن نحكم فيه بالصليب؛ الصليب هو المقياس الكامل للإنسان والعالم والخطية. فإن أردنا أن نعرف ما هو العالم فعلينا بالصليب، وهناك نتذكَّر أنه فضَّل لصًا على المسيح، وأنه صَلَبَ - بين لصّين – الإنسان الكامل الوحيد الذي عاش على هذه الأرض.

هذا هو العالم الذي تعيش فيه أيها القارئ المحبوب، هذه هي صفته وحالته الأدبية؛ حالته التي برهن عليها بعمله الخالد الذي أتاه عن تصميم وبت وحزم، أي صلبه ابن الله. فلا نستغربن إذًا ممَّا نسمعه ونراه من شر العالم، ما دام صَلَبَ رب المجد، ليس بعد ذلك برهان على شرّه وإثمه.

ويا له من ضلال وخطأ فادح، وجهالة مُطبَقة أن نتصوَّر أن العالم آخذ في التحسُّن. كلا، ثم كلا. فالعالم مُلطَّخ بجريمة قتل ابن الله، ولا زال يُقيم البرهان بعد البرهان على رضاه بقتل الحبيب في كل مرحلة من مراحل التاريخ، وفي كل وجه من أحواله. فالعالم تحت الدينونة، وقد صدر الحكم عليه، ويوم تنفيذه – اليوم الرهيب – آتٍ سريعًا.

الدينونة قادمة، ويوم النقمة قريب، وفي أثناء هذا يرِّن صوت ربنا يسوع مُناديًا على لسان سُفرائه، طالبًا إلى الناس أن يهربوا من هذه الخاتمة المُرجفة والنهاية المرعبة، للتمسُّك والتحصن بحصن خلاص الله. يا ليت الجميع يسمعون النداء، ويصغون لصوت محبته!

ماكنتوش
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net