الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الاثنين 9 نوفمبر 2015 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
قُدسية المهَام الصغيرة
فَلَمَّا قَرَعَ بُطْرُسُ بَابَ الدِّهْلِيزِ جَاءَتْ جَارِيَةٌ اسْمُهَا رَوْدَا لِتَسْمَعَ ( أعمال 12: 13 )
من أعمال 12: 13، 14 نحصل على صورة بديعة لقُدسية وعظمة المهام العادية الصغيرة: لقد خرجت “رَوْدَا” من اجتماع الصلاة لتفتح الباب إذ كانت هذه هي مُهمَّتها: ”فتح الباب“؛ فتركت الصلاة لتذهب وتُتمِّم مُهمَّتها، وبهذا الفعل كانت وسيلة لحماية الرسول من الخطر الذى كان لم يَزَل مُحدِقًا به. فما أقل نفع الاستمرار في الصلاة في ناحية من الباب المُغلق، فيما كان هو واقفًا في الناحية الأخرى منه بالشارع، وكان الفجر في طريقه للشروق، ولا بد أن رجال هيرودس كانوا سيتعقَّبونه بمُجرَّد أن يكشف لهم نور الصبح اختفاءه. فكان بحاجة إلى شيء واحد وهو إدخاله وإيوائه. فكانت كل من المجموعة المُصلِّية والجارية التي توقفت عن الصلاة وقت سماع القرع على الباب وذهابها لتتميم مُهمَّتها، هذه وأولئك كانوا يعملون في الاتجاه نفسه. ليس صحيحًا أن نُصِرّ على أن سمو أو مُتعة التكريس والشركة السرية هي أعذار كافية لتجاهل أو لتأخير أصغر وأحقر المهام المُوكَلة إلينا. فإن كانت مهمتك هي حراسة الباب، فكونك قمت عن السجود على ركبتيك وسط صلاتك، ونزلت لتفتحه فأنت لم تترك المكان السري لله العلي، لكنك ملازمٌ له، لأن أصغر المهام الحياتية اليومية وأكثرها اعتيادًا هي السجود الأكثر حقيقة من الشركة المتهلِّلة الفردية أو الصلاة الجماعية، إن كانت عذرًا لإهمال الأولى. فالأَولى أن تبقى في أكثر الأماكن اتضاعًا في البيت متممًا المهَام الوضيعة التي للعبد، عن أن تكون في العلِّية متحدًا مع القديسين في الطلبات تاركًا مهامك دون تتميم.

دعونا نتذكَّر كيف يُمكننا أن نجد هنا توضيحًا لحق عظيم آخر، وهو أن الأمور الصغيرة التي تتم في سياق الإتمام الهادئ لمهامنا ومسؤولياتنا، يمكن أن نتممها في روح السجود والعبادة الحقيقية لله، فيكون لهذه الأمور البسيطة في ذاتها، نوع مُعيَّن من الخلود، ويمكن بقاء ذكراها أبدًا.

لم يكن التعبير السامي والفريد عن التكريس هو فقط ما قدمته امرأة أخرى عندما كسرت قارورة الطيب لتمسح به قدمي الفادي اللتين كانتا ستُثقبان بالمسامير بعد وقت قليل، الأمر الذي استحق تذكارًا دائمًا لها، لكن الروح القدس الذي لا يذكر شيئًا عبثًا، حفظ أيضًا اسم وعمل الجارية البسيطة ”رَوْدَا“، حتى نتعلَّم أن الأمور التي ندعوها عظيمة باندهاشٍ وإعجاب، وتلك التي ندعوها صغيرة بازدراء، يُقدِّرها الرب ليس حسب قيمتها الظاهرة، بل حسب دوافعها ونِسبتها إليه.

ألكسندر ماكلارين
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net