الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الجمعة 2 يناير 2015 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
لا أُهملك ولا أترُكك
لِتَكُنْ سِيرَتُكُمْ خَالِيَةً مِنْ مَحَبَّةِ الْمَالِ. كُونُوا مُكْتَفِينَ بِمَا عِنْدَكُمْ، لأَنَّهُ قَالَ: لاَ أُهْمِلُكَ وَلاَ أَتْرُكُكَ ( عبرانيين 13: 5 )
في عبرانيين 13: 5، 6 يتناول الرسول بولس حالة القلب الداخلية بصفة فردية؛ «لتكن سيرتكم خالية من محبة المال»؛ هذه كانت تجربة كبيرة أمام العبرانيين، إنهم يحبون جمع المال، إذ إن وفرة الزمنيات عندهم كانت علامة رضا الله، من أجل ذلك كان اجتيازهم الضيقات المُرَّة، ومن بينها سلب أموالهم، تجربة صعبة تُشككهم فى محبة الله. وما أجمل العلاج الذي يقدِّمه لهم في هذا الخصوص «كونوا مكتفين بما عندكم»! فبدلاً من السعي الحثيث وراء الحصول على ما ليس عندكم، وقد تعودون بخيبة الأمل، تذكَّروا ذاك الذي قال: «لا أُهملك ولا أتركك». وأينما حوَّلنا النظر اليوم نجد محبة المال تطغى على الجميع. وكلمة «محبة المال» في الأصل تعني ”الرغبة في الاقتناء“، فليس من الضروري أن تكون هي الطمع في ما للآخرين، بل هي الرغبة في الحصول على أكثر مما عندي، وعدم الاكتفاء بما عندنا هو أصل كل محبة للمال.

وما الذي يبدِّد الاهتمام المُقلِق من قلوبنا؟ ما الذي يحفظنا من الشعور بعدم الاكتفاء؟ إن كنا نتحقق من أن لنا ذاك الذي هو مصدر كل غنى، وأن نصيبنا هو الله الحي. إن ملأ هو قلوبنا، فلن يتبقى فيها مكان لشهوة تُشتهى أو لشيء يُقتنى. إن كان لنا المسيح، الذي فيه يحل كل ملء اللاهوت، فماذا يعوزنا بعد؟ هل خليقة الله أغلى منه؟ وهَبْ أنكم استطعتم أن تمتلكوا كل شيء يخطر على البال من كل هذه الخليقة، فهل كنتم تكونون أسعد حالاً؟ فكِّروا في أغنياء هذا الدهر، هل يتميَّزون بالقناعة؟ وهل يُعرَف عنهم سلام القلب وفرح النفس؟ نحن نعلم أن ثروة هذا العالم، من جهة إشباع النفس، ليست إلا قشًا وقشورًا. لكن إن كان لنا ينبوع الخير كله، ومصدر كل بركة، حتى وإن كان في قاع الكوار ملء كف من الدقيق، وقليل من الزيت في قاع الكوز، وبَدَا للعيان أنه لا قيمة لهذا أو ذاك، فإن صوته الرقيق العَذب يُسمَع في أرضنا المُجدِبة قائلاً: «لا أُهملك ولا أتركك»؛ لا أهملك في ظروف العَوز والاحتياج الحالي، ولا أتركك في أي حال مهما كان. وعندما يملك هذا الوعد الحق في قلوبنا، نستطيع أن نواجه الهَّم والعَوَز والفقر والضيق وكل شيء من هذا القبيل بفرح، لذلك نستطيع أن نقول بثقة: «الرب مُعينٌ لي فلا أخاف».

تلذَّذنْ بربِّكَ يُعطِكَ سؤلَ قلبِكَ
إذ يَفتحُ كوى السَّما يُغني حياتَكَ
بل يفتحَنَّ قلبَهُ مُرَحِّبًا بِكَ

صموئيل ريدوت
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net