الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 14 سبتمبر 2014 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
أنا عطشان
بَعْدَ هَذَا رَأَى يَسُوعُ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ قَدْ كَمَلَ، فَلِكَيْ يَتِمَّ الْكِتَابُ قَالَ: أَنَا عَطْشَانُ ( يوحنا 19: 28 )
«أنا عطشان» ... كانت هذه هي الصرخة الوحيدة التي انطلقت من الرب يسوع على الصليب مُعبِّرة عن آلامه الجسدية. لقد كان أمرًا مألوفًا أن يجزع المحكوم عليهم بالصلب، وأن يستعطفوا وأن يتوسَّلوا بصراخ ودموع، وأحيانًا كانوا يهدرون تذمرًا، وينفرون مِن الصلب في شراسة. أما يسوع المسيح فلم يلفظ كلمة واحدة تنُّم عن الشكوى إلى هذه اللحظة. وحتى بعد هذه اللحظة، في وسط الآلام الشديدة، كان ضابطًا لنفسه، وكان محصورًا بالاهتمام بالآخرين، أو بالصلاة لله. ويا له مثالاً رائعًا للصبر!

ولكن هل يمكن أن يكون هذا هو الذي وقف مرة في أورشليم، في وسط جمع حاشد، يقول: «إن عطش أحدٌ فليُقبِل إليَّ ويشرب»؟ (يو7). أَ هذا هو الذي جلس على بئر يعقوب مع السامرية يقول لها: «مَن يشرب من الماء الذي أُعطيهِ أنا فلن يعطش إلى الأبد، بل الماء الذي أُعطيهِ يصيرُ فيهِ ينبوعَ ماءٍ ينبع إلى حياة أبدية» (يو4). أَ يمكن أن يكون ذاك الذي بمثل هذه الكلمات كان على استعداد لأن يُطفئ عطش العالم، هو نفسه الذي يقول الآن: «أنا عطشان».

نعم، هو هو نفسه. وهذا التباين ملحوظ في كل أدوار حياته؛ تبايُن بين الغنى الداخلي والفقر الظاهري. كان قادرًا أن يُغني الكثيرين، ومع ذلك كان يُخدَم مِن أموال نساء فُضليات تبعنه. قال مرة: «أنا هو خبزُ الحياة»، ولكنه أحيانًا «جاع». لقد وعد المؤمنين به ”عروشًا“ و”منازل كثيرة“، ولكنه عن نفسه يقول: «للثعالب أوجرة ولطيور السماء أوكارٌ، وأما ابن الإنسان فليسَ له أين يُسنِد رأسَهُ» ( مت 8: 20 ).

ولم يَزل المُخلِّص يقول: «أنا عطشان». كيف وأين؟ اسمعوه يقول: «عطشتُ فسقيتموني .. بما أنكم فعلتموه بأحد إخوتي هؤلاء الأصاغر، فبي فعلتم» ( مت 25: 35 -40). فحيث يكون إخوة وأخوات ليسوع المسيح، منفردين أو منفردات على فراش المرض، محتاجين أو محتاجات إلى زيارة تؤنس وحشتهم، أو إلى يد المعونة تُخفف آلامهم أو تحمل الكأس إلى شفاههم اليابسة، فهناك يسوع المسيح، بهمساتهم الضعيفة يقول: «أنا عطشان».

والرب يسوع لم يَزَل يقول أيضًا: «أنا عطشان»؛ عَطْشَان إلى المحبة، عَطْشَان إلى الصلاة، عَطْشَان إلى الخدمة، عَطْشَان إلى القداسة. وفي القلب المُحب المُكرَّس الخدوم الطاهر؛ في مثل هذا القلب، يرى الرب مِن تعب نفسه ويشبع.

جيمس ستوكر
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net