الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الثلاثاء 5 أغسطس 2014 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
التجارب والإيمان
أَبْتَهِجُ وَأَفْرَحُ بِرَحْمَتِكَ، لأَنَّكَ نَظَرْتَ إِلَى مَذَلَّتِي، وَعَرَفْتَ فِي الشَّدَائِدِ نَفْسِي ( مزمور 31: 7 )
التجارب تُعلِّمنا الإيمان، وهي التربة الصالحة لانتاج الثقة. الشدائد هي الحوافز الإلهية التي تُنمي ثقتنا في إلهنا ومحبته. لا يمكن للنسر أن يُعلِّم صغاره الطيران إلا بتحريك عشها، أو قلبه إن لزم وتركها تتموج في وسط الهواء، حيث تُجاهد لتطير، وإلا فإنها ستسقط، حينئذٍ لا بد لها أن تتعلَّم ضآلة القوة التي في أجنحتها الصغيرة، وإذ تُضارِب الهواء في جهاد عنيف تشعر بسر حياة جديدة، وتتعلَّم تدريجيًا أن تشق طريقها في الجو، وتطير على أجنحة الريح، وفي مواجهة الشمس المُشرقة. هكذا يُعلِّم الله أولاده أن يستعملوا أجنحة الإيمان بتحريك أعشاشهم، ونزع دعائمهم، والتطويح بهم أحيانًا كثيرة بعيدًا عن كل عون منظور، حيث إما أن يغرقوا في هوة اليأس، أو أن يتعلَّموا أن يثقوا بالله، ويطرحوا أنفسهم عليه، فيجدوا أذرعه الأبدية من تحت مثل جناح النسر الذي يبسطه تحت فراخه الضعيفة المُجاهدة.

من السهل علينا أن نعتمد على الأشياء التي يُمكننا أن نراها، ونشعر أنه اختبار جديد علينا أن نجد أنفسنا وحدنا لنسير مع الله غير المنظور، كما مشى بطرس على البحر، ولكنه الدرس الذي يجب أن نتعلَّمه إذا أرادت نفوسنا أن تسكن في سلام الله الأبدي، حيث يكون الإيمان هو العامل، دون الحواس، والله هو الكل في الكل لنا. والرب بكل حنان يُعطينا الامتحان على قدر قوتنا الضئيلة، ويقودنا إلى الأمام حتى نتقوى أكثر فأكثر. فهل نحن واثقون فيه وسط مشقات الحياة، ومتقوون لاحتمال المشقات، كجنود صالحين ليسوع المسيح؟

والتجارب تُعلّمنا أن نُصلي، وهي تحصرنا للانفراد مع الله كثيرًا. لقد دفعت يعقوب قديمًا ليحني ركبتيه ويُصارع مع الله عند مخاضة يبوق (تك32). وعلَّمت صاحب المزمور أن يجد «سِتْر العلي» (مز91). وجعلت حياة بولس حياة الاعتماد المستمر على حضور الرب معه (2تي4). وهي التي تُقوِّي وتُدعِّم شركتنا المقدسة التي نختبر دائمًا أنها مرجعنا الأعلى وينبوعنا الوحيد.

حقًا إنه مما يُعلِّمنا الاتضاع أن نعرف أن الرب يستخدم التجارب ليجذب أحباءه إلى حضنه بالآلام والأعواز، لأنه – مع الأسف – كثيرًا ما تكون الراحة والسِعَة دافعين لاستقلالنا عن الله بعض الشيء، والاعتماد على أنفسنا. وقد اختبرنا أن أحسن أوقاتنا الروحية التي شعرنا فيها بقرب الله منا هي الأوقات التي استطعنا أن نقول فيها: «عرفت في الشدائد نفسي» ( مز 31: 7 ).

كاتب غير معروف
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net