صحيحٌ أن أخآب هو الذي أغوى يهوشافاط بالذهاب إلى راموت جلعاد ذابحًا غنمًا وبقرًا بكثرة له وللشعب الذي معه ( 2أخ 18: 2 )، ولكن يهوشافاط هو الذي نزل أولاً إليه إلى السامرة! وعليه إذًا أن يتحمَّل مرارة نتائج النزول إلى ملك شرير جدًا في عيني الرب.
كان يهوشافاط قد «طلب إله أبيه وسارَ في وصاياه ... وتقوى قلبه في طرق الرب ... فثبَّت الرب المملكة في يدهِ»، حتى كان «يتعظم جدًا» (2أخ17). ولكن بعد كل هذا حدث أنه «صاهَرَ أخآب»! وإذ وضع الملك التقي نفسه «تحت نير» مع الملك الشرير، حينئذٍ نزل إلى السامرة وتورَّط في حرب ليست بحسب مشيئة الرب، بل قال لأخآب: «مثلي مثلك وشعبي كشعبك ومعك في القتال»! ونعلم أنه كاد يُقتَل بواسطة رؤساء مركبات ملك آرام، لكن الرب أنقذه وحوَّلهم عنه ( 2أخ 18: 31، 32)، وأعاده إلى أورشليم بسلام، لكنه وبَّخه قائلاً: «أ تساعد الشرير وتحب مُبغضي الرب؟». وردَّ الرب نفسه، فردَّ هو الشعب إلى الرب وأمرهم أن يفعلوا «بتقوى الرب بأمانة وقلبٍ كامل» ( 2أخ 19: 2 ، 9).
إن القلب البشري «أخدع من كل شيءٍ وهو نجيسٌ» ( إر 17: 9)، وهو يميل دائمًا إلى الاستقلال عن الله وفِعْل إرادته الذاتية. فعندما نحقق انتصارًا روحيًا، ويُريحنا الرب من الأعداء، بل ويمنحنا أيضًا «غِنى وكرامة»، علينا ألا نركن إلى الراحة والخمول. فهذا سيؤدي بنا حتمًا إلى أن نصاهر أخآب؛ أي ننخرط في علاقات لا تُرضي الرب، ثم ننزل إلى السامرة؛ أي نذهب إلى أماكن لا تُمجد الرب. على أن ”النزول“ هنا لا يعبِّر فقط عن المكان جغرافيًّا، بل أيضًا عن انحطاط الحالة. وبعد ذلك قد نتورَّط في غير أمور الله، ومَنْ يدري؟! فربما نصل أيضًا إلى الموت نفسه!
إن ما يحفظنا في حالة الرِفعة والسمو - بعد أن نطلب الرب بكل قلوبنا - هو أن نستمر في طلب المزيد. وما يجعلنا نستمر في الصعود ولا ”ننزل إلى السامرة“ هو مزيد من الصعود! فليت الرب يحفظنا في حالة الاتكال الدائم عليه لا على قلوبنا الخدَّاعة!