الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الجمعة 21 مارس 2014 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
رحلة البرية
كُل الطَّرِيقِ ... سَارَ بِكَ الرَّبُّ إِلهُكَ ... فِي القَفْرِ ( تثنية 8: 2 )
إذ عبر إسرائيل البحر الأحمر وخلص من أعدائهم، ساروا في طريقهم؛ طريق الاختبار والتمحيص. فالأعواز تتطلب المعونات، والضعفات والزلات تحتاج إلى الغفران والعلاج. والرب موجود، ويُبرهن على كفايته ونعمته. فهو يُطعم ويؤدب، وهو يوبِّخ وأيضًا يعفو ويغفر. ولتكن الأعواز كيفما تكون فهو لا يعيا. ولتتكرر مطاليب الشعب بلا انقطاع، فهو لا يتركهم. وإن جلب الشعب على نفسه سفر أربعين سنة فالرب يلازمهم أربعين سنة في البرية. إنه كالله الكائن على الكل إلهًا مباركًا إلى الأبد، ويجلس بين الكروبيم كَرَبِّ الأقداس، لكنه أيضًا يحلّ بمجده في السحاب خارج الخيمة. فالذي هو إله المحلة هو أيضًا قائدها والمرافق لها. وإن أحزنوه واضطر لأن يُظهِر عدم رضاه بما يصدر عنهم لكنه لا يتركهم بتاتًا، ويده لا تقصر، ولا أُذنه تثقل.

آه لقد تغيَّرت الظروف، لكن الله لم يتغيَّر. هم الآن في قلب البرية، والبرية حولهم من كل جانب، بينما في مصر كانت البرية أمامهم فقط. لكن هل هم حقًا أقل سعادة من ذي قبل؟ لقد اُقتيدوا ليختبروا التجارب والأعواز والصعوبات والتعب والأعداء. كما اُقتيدوا ليختبروا أيضًا، بسبب جهالتهم، المرة بعد المرة، العصا والتأديب. إن البرية قد اُعطيت لهم لاختبارهم هل هم يحبون الرب، وهل هم يُطيعونه، وبهذه الطريقة يختبرون ما في قلوبهم من نحو الرب ( تث 8: 2 ). وهكذا الحال معنا في برية هذا العالم. إن كنا مُحبين للذات أكثر مما نُحب الله فسوف نتقلقل في طرقنا، ونضيق ذرعًا بالبرية. ولكن إن كنا نبرهن على محبتنا للرب فإن أيام السفر ستمر علينا بسهولة، وسنقبل كل شيء سواء بالتعب أو بالوحشة. قد لا تكون كل الظروف مقبولة ومفرحة، لكن عمود السحاب يُذكِّرنا بالصديق المجيد؛ رفيقنا الطيب الصالح الذي تنازل لرفقتنا من بداية الطريق، ولن يتركنا حتى النهاية.

وأخيرًا يأتي بنو إسرائيل إلى الأردن، إلى اللحظة التي فيها توضع البرية خلفهم، وهنا يأتي دور التابوت وأقدام الكهنة. ههنا ضرورات جديدة، لكن الرب واحد، ويده لا تقصر، وفيه كل الكفاية سواء عند البحر الأحمر أو عند الأردن؛ فيه كل الكفاية إلى أن يعبر أضعف واحد في أذل سبط من الأسباط، فكل شيء قد صُنع بذراع قوته، ومن قلب كامل في محبته.

أيها السائحُ في البريةِ نعمتي تكفيكْ
أيها المُفتقِرُ ذو الحاجةِ نعمتي تكفيكْ
أيها المسكين هاكَ قوتي نعمتي تكفيكْ

ف. ب. ماير
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net