الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 21 ديسمبر 2014 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
شبهُ ابن إنسان
وَفِي وَسَطِ السَّبْعِ الْمَنَايِرِ شِبْهُ ابْنِ إِنْسَانٍ، مُتَسَرْبِلاً بِثَوْبٍ إِلَى الرِّجْلَيْنِ، وَمُتَمَنْطِقًا .. بِمِنْطَقَةٍ مِنْ ذَهَبٍ ( رؤيا 1: 13 )
إن منظر المجد الفائق الذي ظهر فيه الرب المرتفع كان أكثر مِن أن يحتمله الرسول يوحنا، الذي يُخبرنا أن الشخص الذي رآه هو «شبهُ ابن إنسان»، ومع كونه كذلك فقد صرَّح بأنه «الأول والآخِر» (ع17). وفي هذا التصريح المُختَصر جدًا نرى في شخصه المبارك الله والإنسان أيضًا. لأنه مَنْ يقدر أن يكون «الأول والآخِر» إلا الله الأبدي، ومَنْ يقدر أن يصير «شبهُ ابن إنسان» إلا ذاك الذي «وُجِدَ في الهيئة كإنسان» ( في 2: 8 ).

ونتعلَّم من وجوده «في وسط السبع المناير» أنه وإن كان غير منظور بالأعين الجسدية، إلا أنه حاضر بروحه في الكنائس. وعيناه اللتان ذرفتا دموع الحنو والشفقة والرأفة «في أيام جسدهِ»، هما الآن «كلهيبِ نار»، فلا تخفى عليهما خافية لأنهما تخترقان أعماق كل شيء. ولذا يقول لكل واحد منا: «أنا عارف أعمالك».

”والسيف ذو الحدين، وصوته الذي هو كصوت مياهٍ كثيرة“ يُعلِّمانا بأنه يقضي ويدين ويوبخ. بينما ”ثوبه المُتسربِل به إلى الرجلين، ومنطقة الذهب التي عند ثدييهِ“ يُستفاد منهما بأنه الآن ليس ذلك الشخص الذي يُسخَر منه، ويُستهزأ به بثوب من الإرجوان وإكليل الشوك، وليس جنبه المُقدَّس الآن عُرضة لطعنة الجندي القاسي القلب فظ الطباع، بل هو مُتمنطق لإجراء حُكمه العادل، وقضائه المُبرَم، وسلطانه غير المحدود.

«ورأسهُ وشعرهُ فأبيضان كالصوف الأبيض كالثلج»، وهذه الصورة تُمثله لنا بصفته قديم الأيام الكائن قبل الدهور. «ومعه في يدهِ اليُمنى سبعة كواكب»، إشارة إلى أنه المصدر والماسك والمالك لزمام جميع الخدمات التي تحصل في كنيسته، وجميع المواهب والعطايا تصدر من تلك اليد التي ثُقبت مرة على صليب العار.

«ورجلاهُ شبهُ النحاس النقي، كأنهما مَحْمِيَّتان في أتون»، رمزًا إلى تسليم الدينونة إليه، وسيدوس بقدميه معصرة غضب الله القدير، وعجيج سخطه، ويملك ويجلس حيث يضع أعداءه موطئًا لقدميه. وما الذي يتمثَّل أمام أعيننا مِن قوله: «ووجهُ كالشمس وهي تُضيء في قوتها» إلا أن ذلك الشخص الذي قد اتضع مرة لدرجة التفل على وجهه، والضرب على ظهره، والذي كان منظره كذا مُفسَدًا أكثر من أي رجل، وصورته للإهانة أكثر مِن بني آدم، هو الآن رأس الكنيسة المُرتفع، ورأس كل سيادة وسلطان، وهو في ملء تمتعات المجد الذي كان له عند الآب قبل كون العالم.

إدوار دينيت
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net