الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الجمعة 3 أكتوبر 2014 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
الدم وعمود السحاب
وَانْتَقَلَ عَمُودُ السَّحَابِ مِنْ أَمَامِهِمْ وَوَقَفَ وَرَاءَهُمْ ( خروج 14: 19 )
لم تكن ليلة الفصح وقت صراع ما بين إسرائيل ومصر، بل صراع بين دينونة الله وجماعة بني إسرائيل الموجودة في مكان الدينونة. هذه هي مسألة علاقة نفوسنا بالله بالتمام، والدم على قوائم الأبواب أنهاها وحسَمها إلى الأبد. والملاك المُهلِك قد صدَّه الدم المرشوش على قوائم البيت. ولولا الدم لكان بالفعل قد اقتحم البيت ليُميت ويُهلِك. ذلك الدم كان هو علاج الله لحسم الأمور بينه وبين إسرائيل في أرض مصر المقضي عليها بالدينونة. ذلك الدم أبطل بالفعل شوكة الموت وكسر قوته. الدم وحده فقط صنع هذا بسهولة وبساطة، ولا شيء آخر غير الدم كان يمكن أن يُجدي نفعًا في تلك اللحظة الرهيبة التي كان ينبغي فيها أن يتقرر مصير إسرائيل، إما أن يحيا وإما أن يموت، إما أن يخلُص وإما أن يهلك.

وعلى هذا الأساس يبدأ إسرائيل رحلته. فأعظم وأهم مسألة قد تسوَّت، وهي مسألة علاقتهم بالله. وعلى هذا الاعتبار بدأوا يحيون حتى إن ذات الشهر الذي فيه حدث كل هذا تعيَّن أن يكون لهم رأسًا للشهور. وهكذا في سلام مع الله تحرك إسرائيل إلى الأمام. تحركوا وسرعان ما وجدوا أنفسهم بلا حَوْل ولا قوة في ذواتهم، فقوات فرعون من خلفهم، والبحر الأحمر أمامهم، وكأنهم في موقف الاختيار بين شرّين: الموت قتلاً، أو الموت غرقًا. لكن ذاك الذي كان معهم بالأمس في مصر، هو اليوم معهم في طريق الخروج منها. وعمود السحاب يستطيع أن يعمل عمله بكل كفاية تمامًا مثل الدم. صحيح أن لعمود السحاب عملاً مختلفًا، لكن نفس القوة العاملة في هذا هي العاملة في ذاك. والدم لا يُستخدم الآن لكن عمود السحاب يؤدي خدمته لأن الدم قد أدى خدمته أولاً، والآن عمود السحاب يدافع ويحمي لأن الدم سبق أن فدى وكفَّر.

وحتى الآن لم نسمع أُغنية لهذا الشعب. لقد احتفل إسرائيل بافتدائهم من دينونة الله العادلة بالأكل من خروف الفصح، وكان ذلك في صمت. أما ساعة خلاصهم من مصر فقد احتفلوا بها بنشيد. قد تكون نغمة الصمت أقوى في رنينها من هتاف النشيد. لكن كانت لكل مناسبة نغمتها اللائقة بها. أما الآن، إذ يرون عدوهم مدحورًا، يرفعون أصواتهم بهتاف الحمد. وكان مناسبًا أن يختفي الصمت، ويُستبدَل بالنشيد الحماسي على شاطئ البحر.

ها صوت قديسي العلاء بالثنا والحمدِ والتسبيحِ يعلو مُعلِنَا
للربِّ مجدًا حيث قد أنالنا خلاصَهُ المأثــورْ

ف. و. جرانت
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net