إن العقل البشري لا يستطيع أن يُجيب عن هذا السؤال، وقد يخرج بنتائج باطلة. فإما أن يقول إن الله غير موجود أو غير مُبالِ، أو أنه لا يحب خلائقه.
لكن الإيمان ينظر إلى ابن الله المتألم فيعرف الجواب ولا يشك في محبته. الآلام تقرِّبنا من الله، وفيها نرى الله معنا.
ألقى نبوخذنصَّر ثلاثة رجال في أتون النار، لكنه قال: «ها أنا ناظر أربعة رجال محلولين يتمشون في وسط النار وما بهم ضَرَر، ومنظر الرابع شبيه بابن الآلهة» ( دا 3: 25 ).
والآلام يعقبها أمجاد. يقول الرسول بولس: «فإني أحسب أن آلام الزمان الحاضر لا تُقاس بالمجد العتيد أن يُستعلَن فينا» ( رو 8: 18 ) ويقول أيضًا إن «خفة ضيقتنا الوقتية تنشئ لنا أكثر فأكثر ثِقَل مجد أبديًا» ( 2كو 4: 17 ). وكانت أُمنية الرسول بولس أن يعرف المسيح و«قوة قيامته، وشركة آلامه مُتشبهًا بموته» ( في 3: 10 ).
عزيزي القارئ .. تأمل ابن الله وهو يسير هنا كرجل أوجاع ومُختَبر الحَزَن، غريبًا في العالم الذي صنعته يداه، ثم تأمله على الصليب متألمًا بما لا يستطيع أن يحتمله أحد، فستعرف كيف أحبنا. تأمله الآن وقد «كُمِّلَ بالآلام»، مُكللاً بالمجد والكرامة وهو كرئيس الخلاص الذي سيأتي بأبناء كثيرين إلى المجد ( عب 2: 10 )، وسريعًا إله كل نعمة الذي دعانا إلى مجده الأبدي سيُحضرنا في أجساد مُمجدة إلى المجد.
يا لها من بركة عظمى وتعزية للقلب جلَبتها آلامه لنا حتى نستطيع في آلامنا أن نقبل التعزية من أبي الرأفة وإله كل تعزية. ونستطيع أن نرى مثالاً لذلك في بولس وسيلا بعد أن ضُربا بالعصي وأُلقيا في السجن الداخلي، وضُبطت أرجلهما في المقطرة «كانا يُصليان ويسبِّحان الله» ( أع 16: 25 ).
أيها الأحباء .. نحن نستطيع أن نفرح في الأحزان، ونرنم خلال الدموع، وهذه الأمور لا تعرفها الملائكة. هذا هو نصيبنا عندما ننظر إلى الآلام أنها هِبة من الله. فليت الرب يعطينا أن نستثمر هذه الهِِبة فيزداد اختبارنا وتقوى شركتنا مع الله في طريق الإيمان.
«قد كلَّمتكم بهذا ليكون لكم فيَّ سلام. في العالم سيكون لكم ضيق ولكن ثقوا. أنا قد غلبت العالم» ( يو 16: 33 ).