الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 17 فبراير 2013 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
صرخة الألم
وَنَحْوَ السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ صَرَخَ يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلاً: .. إِلَهِي، إِلَهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟ ( متى 27: 46 )
هذه العبارة نطق بها الرب من فوق الصليب، بعد ساعات الظلمة الثلاث بحسب ما نقرأ في بشارتي متى ومرقس ( مت 27: 46 ؛ مر15: 34).

يلفت النظر أن هذه العبارة - بخلاف باقي العبارات السبع التي نطق بها الرب من فوق الصليب - سُجّلت بذات النطق الذي خرج من فم المسيح؛ أي باللغة الأرامية، ثم بعد ذلك ذكر لنا البشيران، متى ومرقس، معناها باليوناني، ومنها تُرجمت إلي لغات العالم. وكأن الروح القدس أراد أن تخلِّد الأجيال والأبدية تلك الصرخة بذات الألفاظ التي خرجت من فم البار المتألم، والتي نطق بها من عمق أعماق الألم.

في هذه الساعات كان المسيح منفردًا تمامًا ومتروكًا، لا من تلاميذه ومعارفه فقط، بل من الله أيضًا. وهي لحظات لا نظير لها في كل الزمان بل والسرمدية. وفي تلك الكلمات التي نطق بها المسيح نجد أحزان العالم كله مركزة في صرخة واحدة، هي عن يقين أرهب الكلمات المسجلة في كل الكتاب، بل وأكثر صرخة مُحمَّلة بالرعب والأسى في عالم الخطية والأحزان الذي طالما تصاعدت منه صرخات الهلَع والفزع.

تُفتتح تلك الصرخة الرهيبة بعبارة «إِيلِي»، وهي اسم من أسماء الجلالة بالعبري، ويعني ”القوي“. ونحن نعلم من أماكن أخرى في الكتاب أن الله في الدينونة قوي ( رؤ 18: 8 ). وهنا أيضًا، لمَّا وضع الآثام على ابنه الحبيب، ولما جعله خطية، كان أيضًا قويًا يوم حمو غضبه ( مرا 1:  12؛ نا1: 6).

ما الذي حدث في تلك الساعات الرهيبة؟ لا أحد يستطيع أن يعرف، ولا حتى في الأبدية سنعرف. لا يوجد سوى الله والرب يسوع المسيح هما اللذان يعرفان حدود الكُلفة الرهيبة العظيمة التي تكلَّفها المسيح على الصليب والذي يعبِّر عنها الرب يسوع بهذه الكلمات. ونحن في تلك الساعات التي تُرك فيها المسيح من الله لا نسمع سوى الصمت، ولا نرى سوى الظلام! فماذا بوسعنا أن ندرك؟ على أنه بعد مرور ساعات الظلام نسمع صرخة تخرج من تلك الغرفة المغلفة بالأسرار، إنها صرخة ربنا المعبود يسوع قائلاً: «إلهي، إلهي، لماذا تركتني؟».

لاحظ أن المسيح لم يَقُل لماذا خانني يهوذا؟ أو لماذا خذلني بطرس؟ أو لماذا خاف الجميع وهربوا؟ إن ما جعل المسيح يصرخ ليس ترْك التلاميذ له، بل تركْ الله له.

يوسف رياض
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net