الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الجمعة 1 نوفمبر 2013 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
نعَمٌ ولاَ
لأَنَّ ابْنَ اللهِ يَسُوعَ الْمَسِيحَ، الَّذِي كُرِزَ بِهِ بَيْنَكُمْ بِوَاسِطَتِنَا .. لَمْ يَكُنْ نَعَمْ وَلاَ، بَلْ قَدْ كَانَ فِيهِ نَعَمْ ( 2كورنثوس 1: 19 )
«نَعَمْ ولاَ» ... وكيف يجتمِعُ الضدَّان، حيالَ موقِفٍ بعينِهِ، مع أن آخذَ القرارِ واحدٌ ولا أقول لك اثنان؟ وما العَجَبُ في ذلك، طالما الواعِدُ هو إنسان؟ قد تُبِحُر به السفينةُ صَوبَ مأربِهِ فيصلُ في أمان، أو تماطِلُهُ إشاراتُ الإبحارِ فيُرتَهَنُ انتظارَ البيان، أو قد تعاكِسُهُ الريحُ بعد الإقلاعِ، فتغدو وعودُه طيَّ النسيان.

زارَ بولُس مدينة كورنثوس للمرةِ الأولى أثناءَ سفرتِهِ التبشيرية الثانية، ودامت زيارتُه هذه ثمانية عشر شهرًا ( أع 18: 11 )، خلالها كللت السماءُ مسعَاه بثمارٍ مبروكةٍ. وفي رحلتِهِ التبشيرية الثالثة، عاد فزار أفسس التي كان قد زارها قبلاً ومكثَ فيها وقتًا طويلاً. وخلال زيارتِهِ، وصلته أخبارٌ مؤسِفةٌ بشأنِ مؤمني كورنثوس، فأدلى مِن هناك برسالتِه الأولى إليهم. وكانت رسالةٌ شديدةَ اللهجةِ، تحمل توبيخًا سافرًا بل واقتراحًا وترتيبًا عاقلاً، لكل ما شابَه التشويشُ والخللُ بينهم. بعد ذلك صارَ بولس يترقَّبُ بقلقٍ، ردَ فعلِ الكورنثيين لرسالتِهِ، وامتلأ قلبُه شوقًا أن يرجِعَ تيطس إليه حاملاً عنهم أخبارًا سارة لقبولِهم التوبيخَ، كذا الترتيب. أقصِدُ حُسنَ تفاعلِهم مع الرسالة. ولقد قرَّرَ بولس، أنه إن عاد تيطس إليه بمثلِ هذه الأخبار، سيقصد زيارتهم ثانيةً للتشجيع ومنهم سَيُشَيَّع إلى مكدونية شمالاً، ثم يعود جنوبًا إلى كورنثوس ومنهم سيُشَيَّعُ إلى اليهودية. ولكن هذه الخريطة لم تتم على هذا المِنوال، لا لأن بولُس تراجَعَ عن وعودِهِ، بل لأن تيطس تأخَرَ فلم يأتِ إليه في ترواس، فانصَرَف بولس إلى مكدونية ( 2كو 2: 12 ، 13). حاوَل المُعلِّمون الكذبة تشويه صورة بولس، متهمين إياه بالخفةِ وعدمِ الاتِّزان. ففي رسالتِهِ الثانية إلى كورنثوس، نراه يُعلل تأخُرَهُ، ويُدلي بأسبابِ تَغَيُّرِ الخريطة. ولكن الأجملَ مِن كُلِّ ذلك أنه حوَّل عيونَ مؤمني كورِنثوس مِن النظرِ له إلى ابن الله، الذي فيه ومِن خلالِه، تمَّت كلُّ مواعيدِ الله لنا. فاللهَ وَعَدَ قبل الزمان؛ فلقد اختار ( أف 1: 4 )، وسبق فعيَّن للتبني ( أف 1: 5 )، ووعدَ بالحياة الأبدية وهو المُنَزَّه عن الكَذب ( تي 1: 2 ). ورغم حقد الشيطان، وعدم استحقاق الإنسان، والإخفاق عبرَ الأزمان، أُرسِلَ ابنُ اللهِ في ملء الزمان، فلم يكن فيه «نَعَمٌ وَلاَ»، فلم يكن للتَرَدُدِ أو للتغيرِ فيه مكان، بل قد كان فيه «النَّعَمْ والآمِينُ» لمجد الله ولخيرِ الإنسان ( 2كو 1: 20 ).

فيا لها من نعمةٍ فاقت على كلِّ بيانْ
كاملةٍ مُطلقةٍ لم تتعلَّق بالزمانْ

بطرس نبيل
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net