الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 20 سبتمبر 2012 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
شمشون وفقدان الانتذار
وَلَمَّا كَانَتْ تُضَايِقُهُ بِكَلاَمِهَا كُلَّ يَوْمٍ وَأَلَحَّتْ عَلَيْهِ, ضَاقَتْ نَفْسُهُ إِلَى الْمَوْتِ, فَكَشَفَ لَهَا كُلَّ قَلْبِهِ ( قض 16: 16 ، 17)
«ضاقت نفسه إلى الموت» .. بلغ شمشون الدرجة القصوى من الضيق، هذه الدرجة التي يخبو فيها نور العقل، والتي يجب على كل إنسان أن يبتعد عنها كل البُعد، فأعلن لدليلة أن سر قوته يكمن في عدم حلق شعر رأسه، بسبب كونه نذير لله. لكن علم شمشون أم لم يعلم، فإن قوته لم تكن راجعة في الواقع إلى عدم حلق شعره أو إلى غير ذلك من الأمور الأرضية، مثل الشجاعة أو متانة العضلات، بل إلى العلاقة السامية التي كان قد ارتبط بها مع الله كنذير له. إذ كان من المفروض في النذير أن يكون مقدسًا لله وخاضعًا له، وسالكًا وفق شريعته. وما عدم حلق شعر الرأس إلا رمز إلى هذه الأمور. فموقف النذير بالنسبة إلى الله من هذه الناحية، هو موقف الزوجة المقدسة الأمينة لزوجها ( 1كو 11: 15 تك 3: 17 -24). وبالإضافة إلى عدم حلق شعر الرأس، كان النذير لا يشرب خمرًا، ولا يتنجس بلمس ميت (عد6). وعدم شرب الخمر رمز إلى الامتناع عن أهواء العالم وملذاته. وعدم لمس الميت رمز إلى الامتناع عن النجاسة، بوصف الموت هو النتيجة الحتمية للخطية (تك3: 17).

وماذا فعلت دليلة عندما عرفت سر قوته؟ أنامته على ركبتيها، ودعَت رجلاً ليحلق له شعر رأسه، لكي تسلِّمه بعد ذلك إلى أعدائه. فانتبه شمشون من نومه، وهو لا يعلم أنه بحلق شعر رأسه قد فارقه الله. فدليلة؛ هذا الصديق اللدود، أظهرت الحب لشمشون، ولكنه الحب المزيف، إذ قد سلبته كل قوته، وتركته ذليلاً مسكينًا، ذلك لأنها أبعدته عن الله، وقضت على كل علاقة تربطه به.

«ولم يعلم (شمشون) أن الرب قد فارقه!». ففي لحظة، هوى شمشون من المجد إلى الهوان، ومن القوة إلى الضعف، ومن النُصرة إلى الهزيمة، ذلك لأنه ليس هناك طريق وسَطْ بين القداسة والنجاسة؛ فإما أن تكون حياتنا حياة القداسة أو حياة النجاسة، حياة الاتصال بالله أو حياة الابتعاد عنه. أما العروج بين الناحيتين فلا مجال له في أمر العلاقة مع الله ( 1مل 18: 21 ). وإذا كان الأمر كذلك، فلنوطد العزم على أن تكون لنا الصِلة الروحية مع الله كل حين، مهما كانت الظروف والأحوال، متشبهين بدانيال الذي «جعل في قلبه أنه لا يتنجس»، ومن ثم لم يَتنجَّس على الإطلاق ( دا 1: 8 ).

عوض سمعان
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net