الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 26 يوليو 2012 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
إبراهيم وجسارة الإيمان
بِالإِيمَانِ إِبْرَاهِيمُ ... تَغَرَّبَ فِي أَرْضِ الْمَوْعِدِ كَأَنَّهَا غَرِيبَةٌ ... لأَنَّهُ كَانَ يَنْتَظِرُ الْمَدِينَةَ الَّتِي لَهَا الأَسَاسَات.. ( عب 11: 8 - 10)
يُعتبر إبراهيم نموذجًا قلَّ أن يظهر له نظير أو مثيل في جسارة الإيمان، فهو لم يكن ذلك الإنسان الحالم ذا الأوهام والخيالات أو حتى الأُمنيات، بل الرجل الذي تملَّكته الرؤيا السماوية والمجد الإلهي العظيم، فخرج في رحلة معالمها غير معروفة «فخرج وهو لا يعلم إلى أين يأتي». وفي رحلته لم يكن قصبة تحركها الريح، بل كان على يقين شديد أنه في الطريق الصحيح ويتجه نحو الهدف الأعلى والأمجد والأسنى، وهو مدفوع بعنصر فعَّال وبأقوى قوة يمكن أن تحرك أي إنسان، والتي بدونها هيهات أن يفعل هذا أفضل الأبطال أو أقوى الأقوياء، أقصد ”الإيمان“. ومن دون تردد أو أي شُبهة أعطى ظهره للوطن والأرض والأهل والأصحاب ووجهه عبر الفيافي والقفار. وفى ثقة لا تتراخى أو تتزعزع راح يضرب رمال الصحراء بعصاه سائرًا خلف الذى دعاه.

بهذا الإيمان أيضًا وقف إبراهيم على أعلى ربوة من الأرض التي رحل إليها يتطلع إلى وطن أفضل من شنعار، وينتظر مدينة أبقى من مدينة الإنسان (بابل)؛ «المدينة التي لها الأساسات، التي صانعها وبارئها الله». ومع أن ما يراه ليس سوى رمال وأعداء، إلا أنه كان يرى غير المنظور، ويلامس غير الملموس. لم يكن يعلم كيفية الوصول إليها، لكنه كان يدرك أن الذى دعاه يرى أفضل منه، ويعرف أفضل مما يعرفه. وفى هذا كان سر انتظاره وكفايته، بل وسلامه العميق، وذلك لأنه كان يسلك بالإيمان لا بالعيان. وليس بعجيب حين نراه بعد ذلك يدخل بجسارة الإيمان بغلمانه الثلاث مئة والثمانية عشر فى معركة عجز عن مواجهتها ملوك سدوم وعمورة ومدن الدائرة، ويحوِّل الهزيمة إلى النصر، ويسترد لوطًا بن أخيه ويسترجع الأسرى والأسلاب.

والمؤمنون مثل إبراهيم مدعوون بكلمة الله بطريقة توقظ فيهم مشاعر الاستجابة لها. وهذه الدعوة فردية يختبرها كل منهم. وبالدعوة ينفصلون عن خطاياهم السالفة ومعاشراتهم، ويتقدسون لمستقبل مجيد. وعبر رحلة الحياة ـ التي هي برية بالنسبة لهم ـ يختبرون سحابة العناية الإلهية ترافقهم إلى أن يصلوا إلى نهر مُنعش، مياهه باردة، يفصل بين حاضرهم والمستقبل، ولا بد لهم أن يعبروه. البعض يعبرونه وسط أمواج عالية، والبعض يعبرونه على اليابسة «لا نرقد كلُّنا ولكننا كلنا نتغيَّر»

شنودة راسم
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net