الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الاثنين 19 مارس 2012 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
كونُوا قدِّيسين
نَظِيرَ الْقُدُّوسِ الَّذِي دَعَاكُمْ، كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضًا قِدِّيسِينَ فِي كُلِّ سِيرَةٍ ( 1بط 1: 15 )
لا شك أن حياة القداسة هي أحد الأغراض الأساسية من دعوة الله لنا، وبدون هذه الحياة لن يتسنى للمؤمن أن يكون في شركة مع الله. وقد يعترض أحدهم قائلاً: إن هذا المطلَب مُحال تنفيذه ونحن نعيش في عالم سِمَته الأساسية النجاسة، والخطية تحيط بنا بسهولة. ولكن الله أعطانا كل المقومات الروحية التي تؤهلنا لنحيا هذه الحياة، فبالولادة الجديدة حصلنا على طبيعة الله الأدبية ( 2بط 1: 4 )، كما حصلنا أيضًا على روحه القدوس، القادر على حفظنا من السقوط في الخطية ( أف 1: 13 ؛ 1يو 5: 16)، بل والله نفسه يحفظنا من السقوط في الخطية بأنه يفتح لنا منفذًا وبابًا للنجاة حينما نتعرض للخطية ( 1كو 10: 13 ).

وكما عرَّفنا الكتاب بمصادر القوة المذخرة لنا، رسم لنا أيضًا الطريق الذي نسلكه «اسلكوا بالروح فلا تُكمِّلوا شهوة الجسد» ( غل 5: 16 ). وطبعًا ليس المطلوب منا بهذه الآية، أن نقوم بعملين: الأول السلوك بالروح، والثاني عدم تكميل شهوة الجسد، بل أن نقوم بعمل واحد، وهو السلوك بالروح، لأن الآية لا تقول ”اسلكوا بالروح ولا تكمِّلوا شهوة الجسد“، بل تقول: «اسلُكوا بالروح فلا تُكمِّلوا شهوة الجسد». والعبارة الثانية تدل على أن عدم تكميل هذه الشهوة، هو نتيجة طبيعية للسلوك بالروح، أو بالحري للانقياد الكُلي وراء هديه وإرشاده.

ومن الوسائل التي تساعدنا على السلوك بالروح، حصر الفكر في «كل ما هو حق، كل ما هو جليل، كل ما هو عادلٌ، كل ما هو طاهرٌ، كل ما هو مُسرٌ، كل ما صيته حسنٌ، إن كانت فضيلة وإن كان مدح» ( في 4: 8 ). إن هذا الأسلوب في التفكير، هو نوع من ”غسيل المخ“ أو بلغة الكتاب ”تجديد الذهن“ ( رو 12: 3 )، لأنه إذا كان العقل مشغولاً ومُشبَّعًا بأمور سامية، لا يكون هناك مجال لتسرب الخطية إليه، بينما إذا لم يكن مشغولاً أو مُشبَّعًا بهذه الأمور، تشرد الأفكار هنا وهناك، وتأتي إلينا بالأهواء التي تتعبنا وتحرمنا من الشركة الروحية مع إلهنا.

حقاً إن حياة القداسة والطهارة هذه سامية كل السمو، لأنها انعكاس لحياة الله ذاته. ونحن بالطبع لا نستطيع الارتقاء إليها بقوتنا الذاتية، بسبب بقاء الميل إلى الخطية في طبيعتنا العتيقة، بيد أن الله ـ في نعمته الغنية ـ لا يتركنا لقدرتنا الذاتية، وإلا كان مصيرنا الفشل الذريع. ولذلك عندما نسلِّم حياتنا له تسليمًا كاملاً، يمكن أن يعمل بنا ما لا نستطيع أن نعمله بقوتنا الذاتية.

مسعد رزيق
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net