الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 27 ديسمبر 2012 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
شاهدة صغيرة في ظروف مريرة
فَقَالَتْ لِمَوْلاَتِهَا: يَا لَيْتَ سَيِّدِي أَمَامَ النَّبِيِّ الَّذِي فِي السَّامِرَةِ، فَإِنَّهُ كَانَ يَشْفِيهِ مِنْ بَرَصِهِ ( 2مل 5: 3 )
إنها الغنيمة التي ربحت سالبها، بل الأسيرة التي حررت آسِرها. إنها الجارية التي أحَسنت إلى سَيِّدها، بل الضحية التي أشفقت على مُفترسها. إنها الفتاة التي مجَّدت إلهها في أصعب بل أسوَد أحوالها.

جُرحت مثل شجرة البلسان، فسال منها المر القاطر فعطَّر المكان. وقُشِّرت مثل القرفة العطرة، وحُرمت من حضن أمها وأبيها فأنعشت روحًا يائسة. وكُسِّرت مثل قصب الذريرة، فكانت استقامتها سر مصداقيتها عند سيدتها. وسُلخت مثل السليخة فكانت وسيلة تطهير، ومعجزة ليس لها نظير في عصرها.

قصد الإله الحكيم، مُحدّدًا الزمان والمكان، أن تأتي تلك الفتاة بين غنائم الحرب، لتخدم في بيت نعمان، فكانت شمعة أضاءت وسط الظلام. وبنظرة العيان نجد البون بينهما شاسعًا وجلي البيان: هو رجل، وهي فتاة. هو جبار بأس، وهي صغيرة. هو رئيس جيش، وهي جارية. هو مرفوع الوجه عند سيده، وهي بين يدي مولاتها تخدم. لكن ما لم تراه الأعين لهو أسمى وأثمن: هي طاهرة، وهو أبرص. سيدها رب الأنام، وسيده ملك أرام. تعبد الإله المقتدر، وهو يعبد صنمًا من حجر. غناها في الإيمان والحب، وثروته من غنائم الحرب.

قد لا تُحسَب في حساباتنا من الكارزين العظماء. ولا تُعدّ في مَصاف خدام الله، بين الرسل والأنبياء. ولا تأخذ حقها في الذكر بين شخصيات الكتاب، رجالاً أو نساء، ولكن شهد رب المجد عن نتائج خدمتها عندما قال: «وبُرصٌ كثيرون كانوا في إسرائيل في زمان أليشع النبي، ولم يُطَهَّر واحدٌ منهم إلا نُعمان السرياني» ( لو 4: 27 ). وكيف سمع نعمان عن أليشع؟ أ ليس من خلال هذا الرسول الصغير؟ يا له من حب فريد! هل تُشفقين عليه أم تنظرين لحالك؟ هل تتمنين شفاءه أم ترين مرضه قصاص يستحقه؟ هل تترجين طُهره أم عتقك؟ إنها تساؤلات المنطق ودهشة العقل.

أحبائي: هل لنا ذات المشاعر تجاه نفوس ثمينة حولنا، مات عنها المسيح؟ هل نصلي للرب ولسان حالنا: ”ليتك تُخلِّصهم! ... ليتك تُحررهم!“ وإن لم تكن لنا أحشاء المسيح فهيهات أن نشهد، فالنفوس تُجذَب من قلوبها لا من عقولها. وإن كان عدو كل بر وإله هذا الدهر قد أغلق أذهانهم، فإن المحبة تغزو قلوبهم وتكسر قيودهم.

أيمن يوسف
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net