الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 22 نوفمبر 2012 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
داود في جت
وَقَامَ دَاوُدُ وَهَرَبَ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ مِنْ أَمَامِ شَاوُلَ وَجَاءَ إِلَى أَخِيشَ مَلِكِ جَتَّ ( 1صم 21: 10 )
هنا نرى داود يسحب نفسه من بين يدي الله ويضعها طوعًا في يدي أخيش ملك جتّ. لقد ترك مكان الاستناد على الله وذهب إلى أعداء الله وإسرائيل. ولنلاحظ أنه كان في يده أيضًا سيف جليات جبار الفلسطينيين ( 1صم 21: 8 ، 9). لكنه في هذه المرة لم يكن يعمل بصفته الحقيقية كخادم لله، لكنه ذهب ليمثل دور المجنون في حضرة أولئك الذين كان منذ فترة قصيرة قد تصرف أمامهم كبطل إسرائيل المغوار.

لقد أدرك الفلسطينيون حقيقة شخص داود أنه ”ملك الأرض وضارب الربوات“ وتخيَّلوا أنه لا يستطيع أن يكون إلا عدوًا لهم، وأن لا يعمل إلا ضدهم لأنهم لم يعلموا شيئًا عن حقيقة حالته الأدبية في هذا الظرف الشاذ من حياته، ولم يتصوَّروا أن قاتل جليات قد فرّ إليهم لأجل حمايته من يد شاول. فالعالم لا يمكنه أن يفهم تقلبات حياة المؤمنين. ومَنْ مِن الذين رأوا داود في وادي البُطم، كان يظن أن الخوف يتملَّكه فلا يتمسك بالإيمان الذي خصّه الله به؟ مَن كان يتصوَّر أن داود وسيف جليات في يده لا يجرؤ على القول بأنه قاتل جليات؟! لكن هذا هو عين ما حدث ( 1صم 21: 10 - 13).

إن المؤمن حين يهجر طريق الطاعة البسيطة لله وطريق الغربة في العالم، فلا بد أن عقله يتغير وتختفي ملامح شخصيته الحقيقية، وتُستبدل بمسَالك أخرى تتميز بالخِداع في نظر الله، وبالجنون في نظر العالم. وهذا شيء مؤسف لأقصى درجة. فالمؤمن ينبغي عليه أن يحفظ هيبته المُكتسبة من وجوده في حضرة الله، ولكن في اللحظة التي يضعف فيها إيمانه، تذهب قوة شهادته وحينئذٍ يُحتقر ويُستهزأ به كرجل مجنون ( 1صم 21: 13 - 15).

ترك داود مكان القوة الحقيقية عندما ذهب إلى جتّ، ولو أنه ظل في الجبال تائهًا وبلا مأوى لَمَا بَدَت منه مثل هذه الصورة المُحزنة في نظر عبيد أخيش، ولَمَا قيل قط عنه إنه مجنون. ولكن داود هو الذي ـ مع الأسف ـ وضع نفسه في قبضة هذا الغريب. ونحن يجب أن نحترس من هذا، وذلك بالسير في نور الإيمان بقدرة الله. وما دمنا نشعر أن الله قادر على سد كل حاجاتنا، فلنكن منفصلين عن العالم تمامًا وإلا فإننا نشوِّه حق الله وننكر حالتنا الحقيقية كرجال سماويين.

ماكنتوش
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net