الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 17 فبراير 2011 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
آساف وقمة الاختبار
مَنْ لي في السماء؟ ومعك لا أريد شيئًا في الأرض ( مز 73: 25 )
الآيات من3- 14 من مزمور73 تصوِّر لنا سفر الجامعة، إذ تحدَّث فيها آساف عما تحت الشمس. وكما كانت نَغَمة سليمان في سفر الجامعة هي الأنين: «الكل باطل وقبضُ الريح (أو انقباض الروح)، ولا منفعة تحت الشمس» ( جا 2: 11 )، هكذا كانت لغة آساف أيضًا في هذه الآيات.

لكن آساف دخل إلى المقادس في ع17. والمقادس تصوِّر لنا سفر الأمثال. فسفر الأمثال بين أسفار سليمان الثلاثة التي كتبها، يُناظر القدس. ونلاحظ أن سليمان في سفر الأمثال يُحذِّر من طرق الشر نظرًا لآخرة هذه الطريق المُرّة، فيقول لنا مثلاً: «لأن المستقيمين يسكنون الأرض، والكاملين يبقون فيها. أما الأشرار فينقرضون من الأرض، والغادرون يُستأصلون منها» ( أم 2: 21 ، 22). ويحذِّر من أن الشهوة غير المقدسة «عاقبتها مُرّة كالأفسنتين» ( أم 5: 4 )، وأنها «في الآخر تلسع كالحية وتلدغ كالأُفعوان» ( أم 23: 32 )، وهو عين ما فعله آساف عندما دخل مقادس الله، وتنبَّه إلى آخرة الأشرار.

أما في الآية25، فكأننا وصلنا إلى سفر نشيد الأنشاد، الذي هو بين أسفار سليمان الثلاثة يناظر قدس الأقداس، لا يجذب القديس فيه ما تحت الشمس، ولا هو يرفض الشر لأنه يعلم أن عواقبه مرّة، بل نجده قد اكتفى بالرب وحده، وشبع به تمامًا. فيقول مع العروس: «ليقبِّلني بقُبلات فمه، لأن حُبك أطيب من الخمر» ( نش 1: 2 ).

إننا في سفر الجامعة نجد شهوات سائر الأشياء ( مر 14: 19 ). لقد اشتهت عينا سليمان أشياء كثيرة، ومهما اشتهته عيناه لم يمسكه عنهما ( جا 2: 10 )، ولما حصل على الكل وجد الفراغ والخواء في قلبه! فعلم أن أمور العالم لا تُشبع القلب، ووجد نفسه رازحة، ونفسه ما زالت مُشتهية ( إش 29: 8 ). وأما في سفر الأمثال فنقرأ شيئًا أفضل، إذ نقرأ قول الحكيم: «شهوة الصديقين تُمنح» ( أم 10: 24 )، ولأنها شهوة الصديقين، فإنها يقينًا شهوة مقدسة.

وأما في سفر النشيد فتختفي كل شهوة، حسنة كانت أم رديئة، مقدسة أم عاطلة، وتُختزل كلها في شهوة واحدة فقط، هي الوجود مع المسيح، كقول العروس: «تحت ظله اشتهيت أن أجلس» ( نش 2: 3 ).

لقد شُفيَ آساف تمامًا، وصار مثل العروس التي ما كانت تريد شيئًا ولا شخصًا سواه، فقالت: «أحلّفكنَّ يا بنات أورشليم، إن وجدتن حبيبي، أن تُخبرنه بأني مريضةٌ حُبًا» ( نش 5: 8 ).

يوسف رياض
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net