الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 4 يوليو 2010 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
أسلَمَ الروح ومات
ونادى يسوع بصوتٍ عظيم وقال: يا أبتاه، في يديك أستودع روحي. ولما قال هذا أسلم الروح ( لو 23: 46 )
«يا أبتاه، في يديك أستودع روحي»..هذه العبارة هي آخر العبارات السبع التي نطق بها الرب يسوع من فوق الصليب. ولقد اقتبسها ـ له المجد ـ من المزمور الحادي والثلاثين. ومن هذا نتعلم المكان البارز والهام للكتاب المقدس في حياة المسيح. إنه هو القائل «شريعتك في وسط أحشائي» ( مز 40: 8 ). ولهذا فإنه لما كان على الصليب وجَّه عبارات ثلاثًا للآب كانت كلها مُستوحاة من الكتاب المقدس: العبارة الأولى «يا أبتاه، اغفر لهم» كانت تتميمًا للنبوة الواردة في آخر آية في إشعياء53 «شفع في المذنبين». والعبارة الرابعة «إلهي، إلهي، لماذا تركتني؟» كانت اقتباسًا حرفيًا من أول آية في المزمور22، والآن هذه العبارة السابعة والأخيرة، كانت أيضًا اقتباسًا من مزمور31: 5. لقد بدأ الرب خدمته في البرية باقتباسات ثلاث من كلمة الله وجهها إلى الشيطان، وختم حياته من فوق الصليب بصلواتٍ ثلاث مستوحاة من هذه الكلمة عينها، وجهها إلى الله!

لكن من المهم أن نلاحظ كيف اقتبس المسيح من المزمور. فلقد أضاف شيئًا إلى الآية في أولها، كما أغفل ذكر عبارة وردت في آخرها. فهي في المزمور «في يدك أستودع روحي، فديتني يا رب إله الحق». فأضاف المسيح كلمة «يا أبتاه» في أولها. وهي كلمة لم يكن ممكنًا لقديسي العهد القديم أن يقولوها. أما نحن فنقولها لأن سيدنا علَّمنا أن نبدأ صلاتنا بالقول: «أبانا»، وأما المسيح فيقولها ولكن بمعنى أعمق وأعظم. فنحن أخذنا روح التبني الذي به نصرخ «يا أبا الآب» ( رو 8: 15 )، وأما المسيح فهو الابن الوحيد الأزلي. وحتى عندما صار إنسانًا فإنه بكرٌ بين إخوة كثيرين. لذلك قال للمجدلية: «اذهبي إلى إخوتي وقولي لهم إني أصعد إلى أبي وأبيكم» ( يو 20: 17 )، ولم يَقُل ”إلى أبينا“.

وأما العبارة الأخيرة في أقوال كاتب المزمور، فلم يكن مناسبًا أن يقولها المسيح، حتى وإن قالها داود: فهو لم يُفْدَ، بل بالحري قدَّم نفسه باعتباره الفادي الوحيد، لذلك لم يَقُل المسيح: ”فديتني يا رب“، وأما نحن في العهد الجديد فكم يلذ لنا، نحن المفديين، أن نقولها! بل هي في أفواهنا أشهى وأحلى مما تذوقه المرنم في العهد القديم وهو ينطق بها أول مرة.

يوسف رياض
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net