الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأربعاء 13 أكتوبر 2010 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
الرئيس الغني (2)
قال له (يسوع): يعوزك أيضًا شيءٌ: بِع كل ما لكَ ووزِّع على الفقراء.. فلما سمع ذلك حزنَ، لأنه كان غنيًا جدًا ( لو 18: 22 ، 23)
في هذا الجزء من كلمة الله لم يكن المسيح يتكلم مع خاطئ مقتنع بحقيقة حاله، ولا مع باحث مشتاق إلى الحق، بل مع ناموسي يساوم في شراء الحياة الأبدية؛ شخص ليس غرضه إرضاء الله بل الاجتهاد في خدمة الله والمال في وقت واحد. والمسيح لم يقصد أن يعلِّم أنه يمكن الحصول على الحياة الأبدية بالأعمال أو بدفع الأموال، بل قصد أن يبيِّن بطريقة محسوسة أنه حتى لو كانت الحياة الأبدية بهذه الطريقة، فإن الإنسان لا يقدر أن يعمل الأعمال، ولا يرغب في أن ينفق الأموال. قصد الرب أن يثبت بواسطة حادثة ذلك الرئيس أنه عندما عُرضت الحياة الأبدية على القلب البشري بشروط معقولة وهي تضحية بعض الأموال، رفض القلب دفع الثمن. فالرب لا يعلِّمنا أن الحياة الأبدية تُباع، بل أنه لو كانت تُباع لَمَا رضيَ الإنسان أن يدفع ثمنها.

صحيح أن الناس يرغبون في الوصول إلى السماء بعد الموت، ولكنهم يريدون أن يتمسكوا بهذه الدنيا بقدر إمكانهم ما داموا في الحياة. فهم يتمنون لو أنهم يرثون الحياة الأبدية، ولكنهم مع ذلك يحرصون على مَتَاع الحياة الدنيا. وفكر كهذا باطل ودنيء، لأنه من المستحيل الجمع بين السماء والجحيم، المسيح والشيطان، النور والظلمة. فكيف يمكن التوفيق بين الاثنين؟

على أن أولئك الذين ينحازون إلى هذا المبدأ العالمي الفاسد، لو تأملوا في قصة ذلك الرئيس، لفهموا الحقيقة. فإنهم يرونه مُمسكًا الميزان في يده، في الكفة الواحدة الحياة الأبدية، وفي الكفة الأخرى بعض مَتاع الدنيا الفاني. وماذا كانت النتيجة؟ ارتفعت الكفة التي فيها الأشياء الدائمة التي لا تُقدَّر بثمن، بينما ثقلت الكفة التي تحتوي على الأشياء الوهمية الزائلة. وعلى ذلك جمع الشخص الغني المسكين مَتَاعه، وولى قفاه للمسيح وللعيش في ظله، وللحياة الأبدية، مفضلاً الميراث الذي يغتصبه الموت من بين يديه على هذه الأمور العُظمى التي لا تُقدَّر بثمن. مضى ذلك الرجل حزينًا وحقّ له أن يحزن، ولكن حزنه كان لأنه أخفق في مَسعَاه ولم يوفق إلى الجمع بين العالَمين. وبذلك يبرهن لكل مَن يعي الحقائق أن الجمع بين المسيح والعالم مستحيل، وأن وصول الإنسان إلى السماء بأعماله وعطاياه مستحيل كذلك. فالحياة الأبدية لا تُكسَب بعمل، ولا تُشترى بمال، ولكنها تُمنح كهبة الله بيسوع المسيح ربنا.

وليم كلي
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net