الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق السبت 16 يناير 2010 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
لهج على لهج
طوبى للرجل الذي ... في ناموس الرب مسرته، وفي ناموسه يلهج نهارًا وليلاً، فيكون كشجرة مغروسة عند مجاري المياه، التي تعطي ثمرها في أوانه ( مز 1: 1 - 3)
قيل عن الرجل المطوَّب في المزمور الأول، إنه رجل يلهج في ناموس الرب «نهارًا وليلاً»، ونحن نُسائل أنفسنا: كم من المسيحيين يا ترى في أيامنا هذه يدركون معنى اللهج حتى في ضوء النهار، دَعك من ساعات التيقظ في الليل؟

إن لهج الإنسان هو فهرسه الروحي الذي يدل على حالته، كما لكل كتاب فهرس يدل على محتوياته. ففي أي شيء أنت تلهج؟ اسأل نفسك هذا السؤال فتجد في الجواب النبأ الأكيد عن حالتك بالتمام.

وما هو اللهج؟ هو مُناجاة النفس، بل قُل هو الجهاز الهضمي للعقل، فبواسطته يتحول الحق الإلهي إلى غذاء روحي ينعش النفس. إنه يساعد الذاكرة على استذكار جواهر الحق الإلهي المكنوزة في مستودع القلب، فإذا لم تكن في نمو مستمر، فذلك راجع لعدم وجود الغذاء، وكيف يتوفر الغذاء إذا لم يكن جهاز هضمي؟ هذه حقيقة لا تقبل الجَدَل. والواقع أننا نجد أن أولئك الذين قد أصبحت أفكارهم محصورة في الأشياء الروحية هم وحدهم الذين يختبرون قوة هذه الأشياء في حياتهم. إن كثير من الوعظ والتعليم في أيامنا هذه يذهب هباءً منثورًا، ذلك لأن الناس لا يجعلون أفكارهم تتغذى بكلمة الله، كما أنهم ليسوا كذلك الرجل الذي يصفه صاحب المزمور بأنه «كشجرة مغروسة عند مجاري المياه».

وإذا كنا نرغب في أن نكون كالشجر، علينا أن ننمو في كِلا الجانبين. فالشجرة تُرسل جذعها القوي إلى الفضاء فيجد الناس من فروعها المورقة ظلاً، ومن أزهارها جمالاً، ومن ثمرها شِبعًا لنفوسهم. ولكن لا يمكن أن يتم هذا النمو الخارجي إن لم يكن هناك نموًا نظيره في الأعماق. هذا هو السر في نمو الشجرة. فماذا نحن فاعلون؟ يجب بل يتحتم أن تكون لنا تلك الحياة السرية غير المنظورة، فهي بمثابة الجذور التي منها تتغذى النفس. يجب أن يكون هناك تأمل عميق يصل إلى قرار حق الله ويستمد منه ماء الحياة. فكما أن كل العُصارة الموجودة في الشجرة مُستمدة من جذورها، هكذا قوة المسيحي الروحية وثمرها تتوقف بجملتها على ما لديه من قوة لامتصاص عناصر الحياة الجديدة بواسطة الشركة مع سيده والتأمل العميق في كلمته الحية.

فما أسعد تلك النفس التي تخلو مع سيدها لاهجة في كلمته موجهة أفكارها إلى العَلاء، فتكون له كملائكة تصعد وتنزل حاملة التعزية والقوة، كما كانت سُلّم يعقوب في وسط البرية القحلاء.

سبرجن
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net