فقال الرب لموسى: اصنع لك حية مُحرقة وضعها على راية، فكل مَن لُدغ ونظر إليها يحيا في القصة الواردة في سفر العدد21 نجد أن العلاج من لدغات الحيات المُحرقة كان ينحصر في الحية النحاسية وحدها.
* فالرب لم يطلب من موسى عمل مراهم لعلاج اللدغات، رغم أن هذا قد يكون أكثر معقولية ـ بحسب النظرة البشرية ـ لعلاج الملدوغين. ونحن نتذكر أن المرأة نازفة الدم التي وردت قصتها في الإنجيل، تألمت كثيرًا من أطباء كثيرين، فلم تنتفع شيئًا، بل صارت إلى حالٍ أردأ، ولكنها لما سمعت بيسوع، أتت إليه، ولمسته بالإيمان فنالت الشفاء الفوري واللحظي.
* ولم تكن تنفع العظات مع الذين لدغتهم الحيات. ولا نقرأ عن تحريض لهم لعمل الخير ليتم تخفيف آلامهم، بل كان المطلوب مجرد نظرة. كثيرون يظنون أن في عمل الخير للآخرين، تكفيرًا لذنوبهم أو شفاءً لأنفسهم من ضربات الحيَّات. ولكن هيهات.
* ولم يطلب الرب تجنيد القوى لمقاومة الحيات، ولا إشعال حرب لطردها من المحلة، فهذا لم يكن يُجدي. واليوم كثرت المنظمات التي تحارب الشر، وفي المقابل فإن الشر أيضًا كثر وزاد. وهو يذكّرنا بما هو حادث مع الطب والمرض. فمنذ أن وعينا للدنيا، تقدم الطب كثيرًا، وتقدم المرض أكثر!
* ولم يطلب الرب من الملدوغين أية تقدمات مقابل شفائهم من لدغات الحيَّات المُحرقة. ولم تكن هناك عطايا تُقدم للحية النحاسية، وذلك لأن شفاء الله وخلاصه هو من مجرد النعمة وحدها.
الله لا يطلب من الخاطئ أن يقدم أي شيء، بل أن يَقبَل المسيح الذي بذله الله عن الخطاة، وأن يحصل على تبريره بالإيمان وبالمجان «لأنكم بالنعمة مُخلَّصون» ( أف 2: 8 ).
ولقد أمر الله موسى أن يضع الحية التي يصنعها على راية، لتكون ظاهرة لكل الشعب. وكان كل مَن نظر إلى حية النحاس يحيا. إذًا فما كان يكفي صُنع حية من نحاس لتكون رمزًا للمسيح، بل كان يجب بالإضافة إلى ذلك أن توضع هذه الحية على راية، لتكون في متناول رؤية كل الشعب. وهكذا أيضًا رُفع المسيح فوق الصليب ومات «لكي لا يهلك كل مَن يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية» ( يو 3: 14 ، 15).