الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 17 يوليو 2008 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
تارح وأبرام معطلات الطبيعة للإيمان
فخرج (أبرام) حينئذٍ من أرض الكلدانيين وسكن في حاران. ومن هناك نَقَله، بعدما مات أبوه، إلى هذه الأرض التي أنتم الآن ساكنون فيها ( أع 7: 4 )
سار ركب عائلة الإيمان بتؤدة فيما بين النهرين حتى وصل حاران، حيث حط فيها رحاله، واستقر فيها إلى أن مات تارح. هل توقف تارح في حاران لأنه شاخ وعجز عن التقدم في المسير، أو لأنه أحب حاران كثيرًا فلم يستطع أن يغادرها، أو لأنه سقط قلبه عندما تطلع إلى وعورة الطريق التي كان عليهم أن يقطعوها لإكمال رحلتهم؟ على أي حال إنه لم يُرِد أن يُكمل المسير، وقد أعاق ابنه، وهكذا أكمل مدلول اسمه: تعوَّق وعوَّق. فكانت تلك المدة فترة ركود في طاعة أبرام، فلم يتلق فيها أمرًا جديدًا من إلهه أو مواعيدًا جديدة، ولم تحصل مُناجاة بين الله وبين عبده الأمين.

خليق بنا أن نحرص كل الحرص في انتقاء الأشخاص الذين يرافقوننا في غربتنا. فإننا قد نبدأ بداية حسنة في الخروج من أور، ولكننا إن أخذنا تارح معنا فلا نتقدم إلى الأمام. فاحرص كل الحرص أيها الشاب المسافر إلى الأبدية في انتقاء شريكة حياتك. واحرص كل الحرص أيها التاجر أو الصانع في انتقاء شريكك، لئلا تختار تارح. ولنحذر جميعًا كل الحذر من روح المُهادنة التي تجربنا بالبقاء حيث يريدنا الأحباء أن نبقى. ألم نسمعهم مرارًا يهمسون في آذاننا قائلين: لماذا التطرف؟ نحن مستعدون للمسير معكم إلى حاران فقط. لماذا تفكرون في المسير إلى أبعد من ذلك وأنتم لا تعلمون إلى أين تسيرون؟ هذه تجربة أشد من المقاومة المكشوفة. إن عواطفنا تستجيب إلى عوامل الضعف رغم المنطق السليم. ونحن إذ ننخدع بإغراءات العالم التي تحاول أن تعطل مسيرنا، قد نعتزم بأن لا نخطو خطوة واحدة إلى الأمام نحو هدفنا البعيد.

وكان الموت سببًا في فك عقال أبرام. كان لا بد أن يموت تارح لكي يستأنف أبرام مسيره في الطريق التي تركها قديمًا. وهنا قد نجد حلاً لبعض ما غمض علينا من أعمال الله معنا التي أربكتنا وحيَّرت عقولنا كثيرًا في الماضي، فنفهم لماذا خابت آمالنا، أو لماذا لحقت بنا الخسائر أو لماذا تمرد علينا البنون. ربما كانت تلك الأمور سببًا في تعطيل تقدمنا الحقيقي، فاضطر الله ـ رحمةً بنا أن يمسك السكين بيمينه ويفك عقالنا ويطلق أسرنا لنتمتع بالحرية. إن محبته العُظمى لنا هي التي تكلفه بأن يتألم إذ يوقع علينا الآلام. وهكذا نرى الموت يفتح باب الحياة. ونحن عندما نجوز القبر نخرج إلى العالم السعيد، عالم الرجاء والمواعيد التي تنتظرنا.

ف.ب. ماير
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net