الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأربعاء 7 مايو 2008 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
رفع ابن الإنسان
فقال لهم يسوع: متى رفعتم ابن الإنسان، فحينئذٍ تفهمون أني أنا هو ( يو 8: 28 )
الترجمة الدقيقة للكلمة اليونانية المُستخدمة في يوحنا8: 28 هي ”تعلمون“ وليس «تفهمون». وذلك لأن حقيقة أن المسيح هو يهوه السرمدي هي سر فوق الأفهام، ولن يمكنهم هم ولا غيرهم فهمه، ولو أنهم سيعلمون بالأدلة الدامغة أنه لم يكن إنسانًا عاديًا، بل كان كما قال لهم مرارًا.

نعم «متى رفعتم ابن الإنسان، فحينئذٍ (تعلمون) أني أنا هو». ليس معنى ذلك بالضرورة أن الصليب سيربح قلوبهم، أو أنه سيقودهم إلى التوبة والإيمان، بل إن العبارة تعني أن الأمور التي صاحبت الصليب، من أعاجيب الجلجثة، ولا سيما تلك التي حدثت عندما أسلم المسيح الروح، ثم قيامته من بين الأموات في اليوم الثالث (قارن رو1: 4)، هذه كلها أمدتهم بأدلة قاطعة على أنه هو الله، كما سبق وذكر لهم مرارًا.

لقد حصل هؤلاء الأشرار على أدلة وبراهين دامغة، لن يستطيعوا التنصل منها في يوم الافتقاد، ولن يمكنهم بإزائها ذكر سبب معقول لعدم قبولهم له على أنه المسيا.

والمسيح بقوله هنا: «متى رفعتم ابن الإنسان»، يقصد أنكم عندما تتخلصون مني بالموت، وتظنون أنكم ستبدأون الراحة، عندئذٍ ستأتيكم الأخبار اليقينية، أنني قمت من الأموات ( مت 28: 6 ). هذه الأخبار الرائعة، كانت كافية لأن تعيد الحياة لأرواح تلاميذه الحزانى والحرارة إلى قلوبهم اليائسة والبسمة إلى ثغورهم الحزينة؛ لكنها في الوقت ذاته كانت سبب إزعاج ورعب ليس بقليل، لقادة الأمة الأشرار، وأكدت أنه هو الله كما قال مرارًا. لقد أخرست قيامة المسيح ألسنة القادة بأسلوب لم يحدث من قبل.

حقًا إنه لا حد لغباء عدم الإيمان، ورغم هذا الغباء فإنهم سيدركون، ولكن بعد فوات الأوان، سيكتشفون الحقيقة متأخرًا. وما أخطر أن تصل المعرفة متأخرة لقوم، عندما يغلق الكبرياء البشري الباب أمامهم، فلا يقبلوا محبة الحق! إنهم يكونون في وضع أسوأ ممن يقدِّر الثروة بعد ضياع آخر جنيه في جيبه، أو مَن يقدِّر الصحة بعد أن تضيع منه تمامًا، ويُبتلى بالأمراض.

ماذا بالنسبة لك قارئي العزيز؟ ليتك ترفع قلبك بالإيمان إلى ذاك الذي صُلب من أجلك. أسرع قبل فوات الأوان!

يوسف رياض

الخميس

8

مايو

المعمدان ابن الصحراء

أما يوحنا فلما سمع في السجن بأعمال المسيح، أرسل اثنين من تلاميذه، وقال له: أنت هو الآتي أم ننتظر آخر؟

( مت 11: 2 ، 3)

أ يمكن أن يكون هذا هو الذي منذ بضعة شهور وقف في منبره المنحوت في الصخر، ممتلئة نفسه بكل يقينية الإيمان؟! لقد كان نور الشمس الساطع على شخصه وقتها إذ وقف مستقيمًا وسط الجماهير الغفيرة، رمزًا للنور الذي ملأ نفسه. لم يكن في صدره أي أثر للريبة أو الشك. لقد أشار إلى المسيح بكل يقين وثقة قائلاً: «هذا هو» .. «هذا هو حَمَل الله». لكن يا للفارق العظيم بين هذا، وبين تلك الرسالة الأليمة: «أنت هو؟»!

لم يتردد الكتاب المقدس عن أن يحدثنا عن سقطات أنبل شخصياته، عن إبراهيم الذي توهم أن المصريين قد يقتلونه، عن إيليا الذي ارتمى تحت رتمة طالبًا الموت لنفسه، ومن هذا نتعلم أن المادة التي خلق الله منها أعظم القديسين كانت لحمًا ودمًا مثلنا، وأنهم لم يصلوا إلى ما وصلوا إليه إلا بالنعمة الإلهية التي ظهرت فيهم بكل وضوح.

نعم، لقد تزعزع إيمان المعمدان قليلاً، وبدا وكأنه سوف يهوي إلى هاوية لا قرار لها. لقد أرسل تلميذاه إلى الرب يسوع قائلاً: «أنت هو الآتي أم ننتظر آخر؟».

لقد كان المعمدان ابن صحراء، كان طليقًا يتمتع بالحرية. إذا ما نام بالليل أو عمل في النهار، امتدت السماء فوقه ببساطتها، ومساحاتها اللانهائية. وعندما وجد نفسه مُكبلاً بالأغلال، محبوسًا في غرفة مظلمة، سادته الكآبة والحزن وانقباض النفس. تعطش إلى الحرية تعطش العصفور البري المحبوس، وتاقت نفسه إلى أن يتحرك دون أن يسمع صليل القيود، وأن يشرب من مياه الأردن الصافية، وأن يستنشق نسيم الصباح، وأن يتطلع إلى فضاء الطبيعة اللانهائي. وهل نجد صعوبة في أن نفهم كيف كان لقيوده رد فعل على حالته النفسية؟ وكيف كان لوهنه هذا تأثير على نفسه؟

إن تركيبنا الجسماني مُتناهِ في الدقة، ويا لها من تعزية لا حد لها أن نعرف أن الله يدرك كيف تضطرب طبيعتنا بسهولة! إنه يعزو شكوكنا ومخاوفنا إلى مصادرها الحقيقية. إنه يعرف أن القوس قد انثنى إلى درجة قريبة من الانكسار، وأن الحبل قد شُدَّ إلى أقصى درجات الاحتمال. إنه لا يوبخ خدامه عندما يرتمون تحت رتمة، طالبين لأنفسهم الموت، بل يرسل إليهم طعامًا ويمتعهم بنومٍ عميق، وعندما يرسلون من سجونهم متسائلين: «أنت هو؟»، لا تسمع كلمة توبيخ، بل كلمات تشجيع رقيقة وتعليم.

ف.ب. ماير
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net