الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 9 سبتمبر 2007 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
انتصار الملك
بعدما صام أربعين نهارًا وأربعين ليلة، جاع أخيرًا. فتقدم إليه المُجرِّب وقال له: إن كنت ابن الله فقُل أن تصير هذه الحجارة خبزًا ( مت 4: 2 ، 3)
ما من إنسان عاش على الأرض، وجرَّبه الشيطان، إلا وخرَّ صريعًا أمام تجارب إبليس وسقط. فمنذ البدء، لم يستطع آدم وحواء الصمود أمام كلمات الشيطان الخادعة الكاذبة، مع أنه كانت لهما كل الإمكانيات والمُشجعات لكي يُثبتا ولائهما للرب الإله: فالمكان جنة من صُنع الله، وهما على صورة الله، والنفخة نسمة من الرب الإله، والثمار كل ما هو شهي وجيد للنظر، والسلطان ما أعلاه على كل الخليقة، والمُعين نظيره مصنوع بيد الله. لكن بالرغم من كل هذا، أمام ثمرة من ثمار شجرة معرفة الخير والشر، سقط الإنسان الأول وهوى من أعلى القمة إلى الحضيض.

لكن ماذا عن الإنسان الثاني، الذي كان الحال معه مختلفًا تمامًا: فليس في جنة ولكن في البرية، وليس حوله أشجار وثمار ولكنه بعد أن صام أربعين نهارًا وأربعين ليلة، يقول الكتاب: «جاع أخيرًا».

إن غريزة الجوع من أصعب الغرائز وأشدها في الإنسان، فما أكثر ما طوَّح الجوع بعيدًا بالقديسين وأسقطهم: فبسبب ثمرة واحدة ضاع الجنس البشري وهلك (تك3). وأبو المؤمنين، إبراهيم، بسبب الجوع لم يرجع إلى بيت إيل، بل انحدر إلى مصر، وهناك فَقَد أغلى وأعز مَنْ على قلبه، زوجته سارة (تك12). وإسحاق أيضًا في شيخوخته، من أجل الأكل أراد أن يعطي البركة لعيسو على عكس فكر وقول الرب لزوجته (تك27). وشعب الرب، بعد أن أخرجهم الرب من مصر، تذمروا على موسى وهارون، وتمّنوا الموت عندما تذكَّروا قدور اللحم فيها (خر16). وأول مُشاجرة في كنيسة الله في العهد الجديد بين اليونانيين والعبرانيين كانت بسبب الأكل والموائد ( أع 6: 1 ، 2).

لكن ماذا عن الإنسان الثاني، حين امتُحن وهو صائم أربعين يومًا؟ كيف تصرَّف حين عرض عليه الشيطان أن يصنع معجزة، وما أسهلها بالنسبة له، ليحوِّل الحجارة إلى خبز ويأكل؟ ما أروع ما أجاب به: «مكتوبٌ: ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، بل بكل كلمة تخرج من فم الله»! إن كل إنسان يأكل حينما يشعر بالجوع، لكن الإنسان الكامل العجيب لا يأكل إلا إذا كانت هذه مشيئة السماء. ما أعظم صفاته! ما أجمل طاعته!

شنودة راسم
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net