الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 16 سبتمبر 2007 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
وداعة المسيح
الذي إذ شُتم لم يكن يَشتم عوضًا، وإذ تألم لم يكن يهدد، بل كان يسلّم لمن يقضي بعدل ( 1بط 2: 23 )
عادة يرتبط اسم الشخص بسِمَة من السِمات التي اشتهر بها، فيُقال عن إبراهيم ”الخليل“، وعن موسى: ”الكليم“، وعن سليمان: ”الحكيم“، وعن دانيال: ”المحبوب“. أما بالنسبة للرب يسوع، فمع تعدد صفاته وألقابه، إلا أن الصفة التي لا يختلف عليها اثنان، سواء من الأحباء أو الأعداء، هي وداعته.

فرغم تيار المعارضة الجارف الذي اكتنف شخصه المبارك في كل أيام حياته، إذ هاجمه أعداؤه بدل المرة مرات عديدة بالقول والفعل، إلا أن ردود أفعاله كانت تتسم على الدوام بالوداعة المُطلقة! فهو لم يخاصم مُطلقًا، ولم يرفع صوته، لم يحتد محاولاً الانتقام لنفسه، مما جعل بطرس ـ وقد انبهر من وداعته الفريدة ـ يكتب عنه قائلاً: «الذي إذ شُتم لم يكن يشتم عوضًا، وإذ تألم لم يكن يُهدد، بل كان يسلِّم لمن يقضي بعدل» ( 1بط 2: 23 ).

إن رد الفعل التلقائي عند الإنسان الطبيعي، متى تعرَّض لهجوم ضد شخصه، هو الصياح والغضب، المُجادلة والخصام، السخط والتحزُّب؛ لكن الرب يسوع ـ تبارك اسمه ـ حينما كان يجد مَنْ يقاومه، كان ينسحب في هدوء من المشهد، ليس خوفًا من المواجهة، بل لأنه يعلم جيدًا ما سينشؤه هذا الجو من روح خصام، وهو يدرك جيدًا أن «عبد الرب لا يجب أن يخاصم، بل يكون مترفقًا بالجميع» ( 2تي 2: 24 ).

إن هذه الوداعة جذبت كثيرين إليه، فكان «جميع العشارين والخطاة يدنون منه ليسمعوه» ( لو 15: 1 )، فعلى الرغم من قداسته المُطلقة، إلا أن وداعته دَعَت أشرّ الخطاة أن يقترب منه دون خوف من احتقار أو انتهار ( لو 7: 36 - 49)، الأمر الذي كان يحدث معهم إذا حاولوا الظهور في أي مجتمع، وكأن لسان حال العامة لهم: «قف عندك. لا تَدْنُ مني، لأني أقدس منكَ» ( إش 65: 5 ).

ومما لا شك فيه أن الوداعة لا تعني الخوف والاستكانة والجُبن. فالمسيح ـ تبارك اسمه ـ كان يتسم بالشجاعة في كل حياته، فكان ينتهر ويوبِّخ، ويُعلن الحق دون خوف، مع علمه بما سيجلبه ذلك من مقاومة وحنق ضده. إنه لم يكن ضعيفًا البتة ذاك الذي كان يدخل إلى المجامع ويوبِّخ الكتبة والفريسيين في عقر دارهم، والذي كان يدخل الهيكل متحديًا الكهنة، مُعلنًا أن بيت الله هو بيت الصلاة، وأنهم جعلوه مغارة لصوص.

مسعد رزيق
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net