الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الجمعة 24 أغسطس 2007 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
الروح المنسحقة
لأنه هكذا قال العلي المُرتفع، ساكن الأبد، القدوس اسمه: في الموضع المرتفع المقدس أسكن، ومع المنسحق والمتواضع الروح، لأحيي روح المتواضعين... ( إش 57: 15 )
ليتنا ندرك هذه الحقيقة الخطيرة الهامة، ألا وهي أن الله يريد الأواني المنكسرة. هذه حقيقة نحن أحوج ما نكون إليها في أيامنا الحاضرة. الأيام التي أهم ما ينقصها إنما هي الروح المنسحقة. فتسعة أعشار ما نُلاقيه من مشاكل وصعاب يرجع سببه إلى هذا النقص. وما أجمل وأبهى ما تكون عليه حياتنا من يوم لآخر وسط عائلاتنا وفي اجتماعاتنا وبين أهل العالم، وبالجملة في كل حياتنا العملية بمجرد أن تكون الذات في حالة الخضوع والانكسار.

وكم من الأشياء التي قد تظهر في ذاتها أنها أقوى وأشد من أن تتحملها قلوبنا، نعتبرها كلا شيء، ولا نُعيرها أي التفات عندما تكون نفوسنا في حالة الانسحاق الصحيح، إذ نستطيع ونحن في حالة كهذه أن نتغاضى عما يصيبنا من توبيخ وإهانات، ونغض الطرف عن الهفوات والإساءات، وندوس على ما فينا من خيلاء وعُجب أو أميال وتعصب، ونُسالم جميع الناس ما دام الأمر لا يتناول عقيدة من العقائد الهامة، مُستعدين تمام الاستعداد لكل عملٍ صالح، مُظهرين اتساع قلب صحيح في كل معاملاتنا ومرونة في كل تصرفاتنا الأدبية التي تؤول كلها لتزيين تعاليم الله مخلصنا .. ولكن يا للأسف، إذ كم من المرات لا تكون هذه حالتنا، فنُظهر الخشونة وروح المقاومة ونقف مُدافعين عن حقوقنا، محافظين على مصالحنا، ناظرين لِما هو لنا، ومقاومين كل مَن يعارضنا في آرائنا. ولا شك أن كل هذه الأمور تدل دلالة واضحة على أننا لسنا مواظبين على قياس نفوسنا بمقاييس الله، وغير حاكمين عليها في نور حضرته المباركة.

ولكننا نعود فنكرر بكل ثقة ويقين أن الله لا بد أن يُوجد لنفسه أواني منكسرة. إن محبته لنا لهي أشد من أن تتركنا في تصلفنا وعدم خضوعنا، ومن ثم يرى أنه من اللازم جدًا أن يُجيزنا في مختلف التدريبات لكي يُوجدنا في حالة روحية يستطيع معها أن يستخدمنا لمجد اسمه. فالإرادة لا بد أن تنكسر، والثقة بالذات والارتياح إليها والاعتداد بها لا بد أن تُنزع كلها من أصولها، والله يستخدم الظروف التي نمر بها والناس الذين نتصل بهم في حياتنا اليومية لتدريب قلوبنا وإخضاع إرادتنا، والأكثر من ذلك، أنه هو بنفسه يعالج حياتنا لكي يصل بنا إلى النتائج العظيمة التي يريدها.

ماكنتوش
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net