الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 2 أغسطس 2007 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
أفتيخوس ميتـًا
وكان شاب اسمه أفتيخوس جالسًا في الطاقة ... وإذ كان بولس يخاطب خطابًا طويلاً ... فسقط من الطبقة الثالثة إلى أسفل، وحُمل ميتًا ( أع 20: 9 )
لماذا حُمل أفتيخوس الشاب ميتًا؟ لأنه تثقّل بنومٍ عميق، فسقط إذ كان جالسًا في الطاقة. ولماذا جلس فيها؟ لأن الزحام ـ كما أعتقد ـ كان شديدًا في محل الاجتماع، وشدة الزحام جَعَلت المكان حارًا، فأراد أفتيخوس أن يتخلَّص من حرارة المكان، وفي نفس الوقت لا يحرم نفسه من أقوال الرسول بولس، وتوسطًا بين الأمرين، جلس في الطاقة جاعلاً أذنه نحو بولس وأنفه نحو النسيم الخارجي، فكان هذا النسيم الذي ظن أنه يُنعشه ويوقظه، هو نفس السبب الذي قتله بالنوم، فسقط وكان سقوطه عظيمًا. أَ ليس هذا ما يحدث معنا مرارًا وتكرارًا؟ نريد دائمًا أن نتوسط بين الروحيات والجسديات، ونقول: حسنًا أن نفعل هذا ولا نترك تلك، فنأتي إلى حافة الدائرة الروحية، وتكون النتيجة أننا نقف على حافة هوة سحيقة. وإذ نُطيل الوقوف ننسى الخطر، فيكون أن أخف نسيم وأقل مظهر، وأوهى قوة للعالم تثقلنا وتخدعنا وتجذبنا فنسقط، ويكون سقوطنا عظيمًا. وماذا تكون النتيجة غير التكسير والتهشيم والموت؟

مسكين أفتيخوس، فلا هو تمكَّن من الإصغاء إلى أقوال بولس الثمينة، ولا هو احتفظ بحالته الجسمانية، ولكنه إذ حاول أن يفوز بالاثنين خسرهما معًا. بل مساكين نحن الذين نريد أن نتمتع بالمسيح والعالم في الوقت نفسه، فتصبح النتيجة أننا نفقد تعزياتنا، ثم نُعرِّض أنفسنا لتأديبات القدير «ومُخيف هو الوقوع في يدي الله الحي» ( عب 10: 31 ).

أما كان أولى بأفتيخوس أن يصبر قليلاً ويتحمل يسيرًا ويضحي بما لا يُقاس مع ما يحصل عليه من الفائدة؟ بل ما أولانا أن نحتمل ونصبر على ضيق قليل لا يُقاس بما يُقابله من مجد «فإني أحسب أن آلام الزمان الحاضر لا تُقاس بالمجد العتيد أن يُستعلن فينا» ( رو 8: 18 ).

لقد قال السيد «مَنْ أراد أن يأتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني» ( مر 8: 34 ). وقد ذكر هذا القول قبل الصليب، فكأنه يضع شرطًا كهذا أساسًا للدخول في الشركة معه، فإذا كنا ندخل في هذه الشركة، فهذا دليل على قبولنا هذا الشرط الأولي الأساسي. ومتى نسينا شرط إنكار الذات، فإننا نفقد لذة الشركة معه حتى نعود إلى التمسك بهذا الشرط، فتعود أفراح الشركة إلى الاتصال. ويا له من امتياز لا يوصف أن نكون في شركة مع الرب نفسه!

و.ج. ترنر
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net