الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق السبت 18 أغسطس 2007 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
الاقتراب إلى الله
أما أنا فالاقتراب إلى الله حسنٌ لي ( مز 73: 28 )
عرف آساف بعد أن دخل المقادس أن الاقتراب إلى الله هو أحسن شيء في الوجود، فهو الترياق لكل أحزان الأرض، والحل لكل مُعضلات الحياة. هو المَصْل الواقي لسموم إغراءات العالم وجاذبياته المُهلكة. ولو كان آساف فعل ذلك مبكرًا، لأراح نفسه من العديد من المتاعب التي حدثت معه وهو خارج المقادس. لذلك فقد خرج ينشد قائلاً: «أما أنا فالاقتراب إلى الله حسنٌ لي». نعم حسن له، كما هو حسن لنا أن نحفظ أنفسنا في تلك الدائرة المقدسة، فهناك لا يعود القديس يُخدَع بأباطيل العالم، وهناك يجد التعزية والراحة.

أما الأبيقوريون فإنهم يقولون: ”أما أنا فاللذة الجسدية حسنة لي“، والرواقيون يقولون: ”أما أنا فمُتعة الذهن حسنة لي“. لكن كأن المرنم هنا يقول: اكتشفت أخيرًا سر السعادة، إنها ليست في ما يفكر فيه هذا الفريق أو ذاك، ولا هي في الممتلكات الأرضية، ولا المُتع الحسية، أو الملذات الجسدية. ليست في وفرة البنين، ولا في نضارة الصحة. إنها تتلخص في شخص واحد، إن كنتُ قريبًا منه فأنا سعيد، وعندما أبعد عنه تضيع البسمة، وترتبك الحياة، وأصبح مثل السفينة التي فقدت رؤيا قطب الشمال، وتعطَل عمل البوصلة فيها، فما عادت تعرف أين تسير في البحر العجاج المترامي الأطراف!

إنه حسنٌ لي الاقتراب إلى الله مهما كانت الظروف والأحوال، في الصحو والغيم، في الفقر والغنى، في الضيق والسِعَة، في الشدة والفرج، دائمًا الاقتراب إلى الله حسن لي. دع الأشرار يتكبرون كما شاءوا، دعهم يستريحون ويكثرون ثروة، فما عاد هذا الأمر يعنيني في شيء. أما أنا ففي كل الظروف سأبتهج بالرب وأفرح بإله خلاصي ( حب 3: 18 ).

ونحن نسأل: هل تغيَّر وضع آساف الزمني أو الصحي في آخر المزمور، عما كانه في خلال المزمور، عندما كان قلبه مُمتلئ بالمرارة؟ كلا البتة. هل تغير إذًا وضع الأشرار؟ هل تعلَّموا الأدب؟ كلا، لا هذا ولا ذاك. لكنه عرف ما نتمنى أن يعرفه القارئ والكاتب معًا، أنه بالقرب من إلهه هناك الفرح والسلام والاستقرار، وفي البُعد عنه الوجوم والارتباك والمرار.

يوسف رياض
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net