الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الاثنين 25 يونيو 2007 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
التواضع
وقال للمدعوين مثلاً وهو يلاحظ كيف اختاروا المتكآت الأولى ( لو 14: 7 )
إن المكان الذي يحبه الإنسان بحسب الطبيعة هو المتكأ الأول حيث يجد لذة في الترفُّع والتعالي. والإنسان دائمًا يريد أن يرفع نفسه في اتجاه أعلى ومضاد لفكر الله. وأنه لا يفرح ولا يُسرّ إذا وُضع في المكان الأخير، ودائمًا يبحث عن المكان الأول، ويشعر بجرح كبير في كبريائه إذا أهمله أو احتقره أحدٌ، وهو ببحثه عن هذا المكان إنما يبحث عن مكان لا يجد فيه المسيح الذي قال «تعلموا مني لأني وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم» ( مت 11: 29 ).

ولقد برهن المسيح على ذلك في يوحنا 13 عندما قام عن العشاء وخلع ثيابه وأخذ منشفة واتّزر بها، ثم صب ماء في مغسل وابتدأ يغسل أرجل التلاميذ ويمسحها بالمنشفة التي كان متزرًا بها، فمع أنه السيد والمعلم، لكنه انحنى ووصل إلى أرجل تلاميذه. فهو المتواضع الحقيقي والمطوَّب الحقيقي الذي عمل وعلَّم، إذ أخذ المكان الأخير وسط تلاميذه. هو الذي لاق به أن يعلِّم قائلاً: «متى دُعيت من أحد إلى عُرس، فلا تتكئ في المُتكأ الأول لعل أكرم منك يكون قد دُعي منه، فيأتي الذي دعاك وإياه ويقول لك: أعطِ مكانًا لهذا، فحينئذ تبتدئ بخجل تأخذ الموضع الأخير. بل متى دُعيت فاذهب واتكئ في الموضع الأخير حتى إذا جاء الذي دعاك يقول لك يا صديق ارتفع إلى فوق، حينئذ يكون لك مجد أمام المتكئين معك «لأن كل مَنْ يرفع نفسه يتضع، ومَنْ يضع نفسه يرتفع» ( لو 14: 8 - 11).

لكي تريح نفسك ابحث عن المكان الأخير واجعل العين متجهة إلى الله، ولا تنشغل بذاتك، ولا تدع قلبك يخدعك فتقول: لا أحد يهتم بي. وتذكَّر قول الرسول بولس في فيلبي 2: 5 «فليكن فيكم هذا الفكر الذي في المسيح يسوع أيضًا، الذي إذ كان في صورة الله ... أخلى نفسه آخذًا صورة عبد صائرًا في شبه الناس. وإذ وُجد في الهيئة كإنسان وضع نفسه ...» (فيلبي 2: 5- 8). إنه تخلَّى عن مجده الظاهر، ليصير إنسانًا. لقد كان هذا حقًا تنازلاً عظيمًا. إن التواضع الحقيقي هو أن تكون مستعدًا لا أن تُخدم، بل أن تخدم بتواضع، وهذا في واقع الأمر سامٍ جدًا إذ هو ثمر المحبة الإلهية العاملة في قلوبنا، والله الذي يعمل في قلوبنا يجعلنا غير أنانيين وبهذا نُسر قلب الله ويرفعنا. لأن مَنْ يضع نفسه يرتفع.

عوني لويس
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net