الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 27 ديسمبر 2007 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
ساحر ، وباحث عن الحق
رجلٌ حبشي خصيُّ، وزير لكنداكة ملكة الحبشة... كان قد جاء إلى أورشليم ليسجد. وكان راجعًا وجالسًا على مركبته وهو يقرأ النبي إشعياء ( أع 8: 27 ، 28)
في سفر الأعمال8: 5- 40 تتجلى أمامنا مفارقة عجيبة بين الساحر السامري سيمون، والوزير الحبشي. فعوضًا عن أن نرى ساحرًا يعتمد على قوة السحر لرفع شأنه وتعظيم نفسه، نرى رجلاً عظيمًا بالحقيقة ذا مركز رفيع ومقام سامِ ونفوذ كبير. نراه يغض النظر عن ذاته ومركزه، ويتطلع إلى غرض محبته وتعبده. فكان شخصًا عظيمًا لا يحتاج أن يدَّعي بأنه شيء عظيم (كما فعل سيمون)، ومع ذلك عوضًا عن أن ينشغل بذاته وعظمته، تعدى بصره هذه الأمور، وارتفع وسما فوق كل ما هو حوله، مُفتشًا عن الغرض السامي الذي يُشبع نفسه. فسافر من الحبشة إلى أورشليم ليسجد، ورجع ولا زالت نفسه ظمآنة.

ما أجمل هذه الصورة! وكم هو مُبهج للنفس أن تبتعد عن سيمون المعظِّم لنفسه، وتُصطحب مع الخصي الباحث عن المسيح! كم هو مُنعش حقًا أن نتأمل في ذلك الرجل الغيور الجالس في مركبته منفردًا مُنكبًا على مُطالعة إشعياء النبي لعله يجد غرض قلبه! إن هذا المنظر كان بلا شك موضوع سرور واهتمام في السماء، حتى أرسل الله له خصيصًا فيلبس المبشر ـ من دائرة الخدمة في السامرة ـ ليذهب إلى سكون برية غزة، ويُبشر شخصًا واحدًا فردًا. إنه مما يلفت النظر أن الكاتب بوحي الله يأتي على ذكر سيمون والخصي جنبًا إلى جنب، وكأنه يُظهر بذلك الفرق الشاسع، بل المفارقة التامة بينهما. فقد وجد فيلبس أن الأول يُدهش الناس بسحره، ويدَّعي أنه شيء عظيم. وقد وجد الثاني منصبًا بنشاط في درس كلمة الله. وجد الأول وسط زحام وغوغاء المدينة يُظهر نفسه أمام الناس، ويجتهد أن يجعل لنفسه شأنًا في كل شيء. ووجد الثاني في سكون البرية راجعًا منفردًا من السجود في أورشليم إلى مقر عمله في بلاد الحبشة.

ولنلاحظ فصل الكتاب الذي كان يُطالعه الخصي لما قابله فيلبس (إش53)، ولنلاحظ أيضًا سؤاله المهم: «عن مَنْ يقول النبي هذا؟». فكان الجواب: «إنه يسوع». وما أسعد الخصي! لقد وجد غرضه، ورأى على صفحات الوحي تاريخ حَمَل الله مُنقادًا إلى خشبة الصليب ومسحوقًا تحت يد الله القدوس الذي يبغض الخطية. ويا لروعة النعمة! فالخاطئ والمخلِّص التقيا وارتبطا برابطة الإيمان!

بللت
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net