الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 25 أكتوبر 2007 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
هاجر وملاك الرب
فسمع الله صوت الغلام، ونادى ملاك الله هاجر من السماء وقال لها: ما لك يا هاجر؟ لا تخافي، لأن الله قد سمع لصوت الغلام حيث هو ( تك 21: 17 )
يُخبرنا الكتاب أن سارة رأت اسماعيل يمزح مع إسحاق، فقالت لإبراهيم: اطرد الجارية وابنها، لأن ابن الجارية لا يَرِث مع ابني إسحاق. فقبح الكلام جدًا في عيني إبراهيم لسبب ابنه، فقال له الرب: «في كل ما تقول لك سارة اسمع لقولها» ( تك 21: 9 - 13).

مأساة جديدة؛ وجدت هاجر نفسها فيها، فقد وجدت نفسها وسط الفلاة، بعد المرة الأولى (تك16)، وقد «فرغ الماء من القربة». فماذا عساها تفعل وهي ترى ابنها يُصاب بالإعياء والتعب والجفاف، وأيقنت أنه يسبقها إلى النهاية المحتومة. لقد طرحت الولد تحت إحدى الأشجار، وجلست مقابله ورفعت صوتها وبَكَت بقلب مكسور. لكن مَنْ ذا الذي يمكن أن يسمعها في هذه الفلاة؟

مرة أخرى تدَّخل ملاك الله، الذي أظهر نفسه لها في المرة الأولى ( تك 16: 7 )، وناداها هذه المرة أيضًا قائلاً لها بوِّد بالغ: «ما لك يا هاجر؟ لا تخافي، لأن الله سمع لصوت الغلام حيث هو ... وفتح الله عينيها فأبصرت بئر ماء، فذهبت وملأت القِربة وسَقَت الغلام». حقًا إن الرب هو سامع الصلاة، ذاك الذي استمع لا إلى صوت هاجر الباكية فحَسَب، بل صوت الولد الذي يحتضر!

ومرة ثانية نقرأ في الكتاب المقدس عن البئر، وهي مثل المرة الأولى (تك16)، مرتبطة أيضًا بهاجر. لقد فتح الرب عينيها لترى بئر الماء. ولعله من الجميل أن نلاحظ أن إبراهيم ـ مع كل غناه، ورغم تعلقه بابنه اسماعيل ـ لم يُعطِ لهاجر سوى قربة ماء، أما الله، فإن ما رتبه لها لم يكن قربة أخرى ممتلئة، بدل تلك التي فرغت، لكن بئر ماء. فحقًا، ما أبعد الفارق بين عطايا الإنسان، ولو كان هذا الإنسان هو الأب أو الزوج، ولو كان هذا الأب والزوج هو إبراهيم نفسه، وبين عطايا الله. فالأب أو الزوج ولو كان إبراهيم يعطي قربة ماء، أما الله، فإنه يفتح العين على بئر ماء!

«وفتح الله عينيها فأبصرت بئر ماء». وبدون عمل الله في النفس، فإنها ستظل عطشى وتمضي إلى العطش الأبدي، ولا ترى مصدر الإنعاش ولو كان قريبًا منها. هذا ما حدث أيضًا مع المرأة السامرية، التي كانت تتحدث إلى الذي عنده ينبوع الحياة، لكنها كانت تناقشه في أمر الماء، ولولا إعلان الرب لها، لَمَا أمكنها أن تعرفه.

يوسف رياض
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net