القديسون الذين في الأرض والأفاضل كل مسرتي بهم .. الرب نصيبُ قسمتي وكأسي. أنت قابض قرعتي ( مز 16: 3 - 5)
لقد عبَّر داود عن حمده وامتنانه من أجل الصديقين، حتى لو كانوا من المتضايقين والمديونين ومُرّي النفس ( 1صم 22: 1 ، 2)، فقال وهو في مغارة عدلام، مُحاطًا بأكثر الناس تواضعًا ومَسكَنة «الصديقون يكتنفونني، لأنك تُحسن إليَّ» ( مز 142: 7 ). ويقينًا كان داود في هذا رمزًا لابن داود الذي اعتبر مُتقي الرب جواهره وكنزه ( ملا 3: 17 ).
ولقد كان الرب بالنسبة للمرنم نصيبه وقسمته وكأسه، وقابض قرعته (ع5). كان هو له كل شيء، إنه هو الباقي له ولو خسر كل الأشياء ( مت 11: 25 ). أَ ترانا نحن كذلك؟ أ يمكننا حتى ولو أقفر الكل من حولنا، أن نفرح بالرب ونبتهج بإله خلاصنا؟ ( حب 3: 17 - 19).
ثم إنه ينظر إلى نصيبه المُعيَّن له من الله، فيقول: «حبال وقعت لي في النُعماء، فالميراث حسنٌ عندي» (ع6). فإن كان المسيح ينظر إلينا هذه النظرة، فماذا يجب أن تكون نظرتنا نحن إلى نصيبنا العظيم في شخصه المبارك؟!
ويعلِّق ”جرانت“ على عبارة «قسمتي وكأسي» فيقول: ”قسمتي أي حصتي، ملكي، سواء تمتعت به أم لا، وكأسي هي ما أستمتع به فعلاً، وما أحققه وأختبره فعلاً. كم من الناس لهم أنصبة لا يقدرون على التمتع بها! أما الرب فكان قسمته وكأسه شيئًا واحدًا“. تُرى هل نحن أيضًا كذلك؟
وعبارة «لا أسكب سكائبهم من دمٍ» (ع4) قد تُشير إلى الذبائح البشرية التي كان الأمم يقدمونها للأوثان ( إش 57: 5 )، أو إلى السكيب الذي من الدم الذي يميز العبادات الشيطانية، حتى إلى يومنا هذا (ليعطي القوة لمَن يشربه كما يقولون). والرب ليس فقط لا يشترك في أفراح الأشرار واحتفالاتهم، بل إنه أيضًا لا يذكر أسماءهم بشفتيه، نظرًا لعلاقتهم بالأوثان والأصنام. ونحن أيضًا ليتنا لا نُبقي على شفاهنا ما نوّد أن نبعده عن قلوبنا، فالحلق قصير وزلِق، وأي شيء نضعه على طرف اللسان سيصل سريعًا إلى مخادع البطن في الداخل!