الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 21 يناير 2007 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
هذه الآلام لأجلي
ومن الساعة السادسة كانت ظلمة على كل الأرض إلى الساعة التاسعة. ونحو الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوتٍ عظيم قائلاً: ... إلهي، إلهي، لماذا تركتني؟ ( مت 27: 45 ، 47)
اكتنف الكون الظلام، فسيد الأكوان المُعلَّق على صليب اللعنة يتمشى الآن في طريق العدل، ولكن قبل أن يبدأ سيره في طريق العدل، رضيَ بأن يضع الله عليه إثم جميعنا، لأن الله جعل نفسه ذبيحة إثم ( إش 53: 6 ، 10). كان منذ ولادته في شركة مع الله أبيه، يسير معه لحظة بلحظة، لأنه هو الطاهر القدوس. أما الآن فهو يحمل خطايانا، وهو يقف بديلاً عنا. كان الله كلما نظر إليه يرى مشهد الطهارة التي تُريح قلبه، فشهد له مرتين «هذا هو ابني الحبيب الذي به سُررت». ولكن في هذه الساعات الثلاث عندما نظر إليه رآني أنا، ورآك أنت، ونحن في خطايانا، فكيف يسير الله القدوس مع الخطية.

لاحظ أنه لو انتهت ساعات الصليب بما عمله الإنسان بالرب يسوع لَمَا خلص اللص التائب، ولا كان في الإمكان أن نخلص نحن، لأن أجرة الخطية ليست التعذيب ولا الجَلْد، ولا حتى التعليق على صليب اللعنة، بل أجرة الخطية موت أبدي في جهنم. هذه دينونة إلهية لا يستطيع البشر أن ينفذوها، فقد عملوا كل ما في وسعهم لتعذيب الرب يسوع، لكن كل هذه الآلام لم تكن تصلح لأن تكون سببًا لخلاصنا، بل هي لا شيء أمام الآلام التي احتملها الرب يسوع من يد الله العادل في ساعات الظلمة الرهيبة.

في تلك الساعات الثلاث استيقظ سيف عدالة الله ليضرب راعيه ورجل رفقته ( زك 13: 7 )، يضربه نيابة عنا، لذلك في بداية هذه الساعات صرخ الرب يسوع، لأول مرة بعد القبض عليه، فقال: «إلهي، إلهي، لماذا تركتني؟»، لأن هول دينونة الله انصب عليه، ولم يكن ممكنًا ـ وهو حامل خطايانا في جسده ـ إلا أن يترك الله الرب يسوع المسيح في آلام الدينونة. وفي تلك الساعات ذاب قلبه كالشمع ( مز 22: 14 ). وفي تلك الساعات سُرَّ الله بأن يسحقه بالحَزَن بدلاً منا ( إش 53: 10 ). وهذه هي الآلام التي بها نخلص.

إن ما تألم به المسيح من يد البشر ظلمًا، لا يُقارن بما تألم به من يد الله عدلاً كالنائب والبديل عنا. لقد وضع نفسه في مكاننا باختياره، وليس أحد ـ ولا الله نفسه ـ كان يمكن أن يُلزمه بذلك، وإلا لَمَا كان ذلك عدلاً، ولكنه قَبِل باختياره، لمحبته لله أولاً، ومحبته من نحونا ثانيًا، أن يحتمل عنا هذه الدينونة.

مراد فارس
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net