لا بالقدرة ولا بالقوة، بل بروحي قال رب الجنود ( زك 4: 6 )
قبل سنوات كثيرة، وفي إحدى البلاد، كان هناك ملاّح قدير وشجاع جدًا، جعل كثيرين من أعدائه يهابون من سيفه. وازدادت شُهرته حتى وصلت أخباره لملك تلك البلاد. وفي أحد الأيام أرسل الملك رسالة عاجلة لهذا الملاّح، طالبًا منه أن يرسل سيفه ليقوم بفحصه، ويكشف عن السر المُخيف الذي في هذا السيف.
أرسل الملاح سيفه للملك، وبدوره قام الملك بفحص السيف بدقة، ومن ثم ردَّه للملاح مُرفقًا معه رسالة كتب فيها ما يلي: "لقد قمت بفحص سيفك جيدًا، وإنني لم أجد أي شيء خاص يميزه عن بقية السيوف، ولست أعلم لماذا الكثيرون من الناس يخافون من سيفك!!
بعدها قام الملاح بإرسال رسالة للملك يقول فيها: "سيدي الملك. لقد طلبت أن تفحص السيف الذي بحوزتي. وحقًا قمت بفحصه وكان جوابك أنه سيف عادي غير مختلف عن بقية السيوف، وهذا صحيح. ولكن دعني أُخبرك بأنني عندما أرسلته لك لم أرسل معه الذراع التي تُمسك به. لو قام سيدي الملك بفحص الذراع التي تُمسك بالسيف، لوجد الحل وفهم السر. فليس الفضل للسيف، بل للذراع التي تحارب بذاك السيف.
إخوتي الأحباء .. كثيرًا ما أُعجبَت نفوسنا وتعلقت قلوبنا ببعض المؤمنين والخدام الذين حققوا نجاحًا باهرًا، وكثيرًا ما تساءلنا في قلوبنا عن ذلك الشيء الذي ميَّزهم، أو عن سر نجاحهم، ظانين أن القوة فيهم أو منهم، مما جعلنا نتعلق بهم أكثر من غيرهم، وكأننا بهذا نقوم بذات العمل الذي قام به الملك في فحصه للسيف. وكأن سر النجاح فيهم. لكن لو دققنا وفحصنا عميقًا، فلا بد أن نكتشف من خلالهم، أنها ذراع الله القوية الموجهة والمُستخِدمة لتلك الأواني الضعيفة «ولكن لنا هذا الكنز في أوانٍ خزفية، ليكون فضل القوة لله لا منا» ( 2كو 4: 7 ). فإن النجاح الروحي هو نجاح عمل روح الله في الأواني الضعيفة «لا بالقدرة ولا بالقوة (البشرية)، بل بروحي قال رب الجنود» ( زك 4: 6 ).
ليتنا نعطي المساحة الأكبر في حياتنا لروح الله ليحقق نجاحًا حقيقيًا فينا يكون لمجد الله. وليتنا نُعظم الرب وليس الأشخاص. ويا ليت كل خادم يكون شعاره كشعار يوحنا المعمدان «ينبغي أن ذلك يزيد وأني أنا أنقص» ( يو 3: 30 ).