الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 11 يونيو 2006 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
يا أبتاه، اغفر لهم
ولما مضوا به إلى الموضع الذي يُدعى "جمجمة" صلبوه هناك مع المُذنبين... فقال يسوع: يا أبتاه، اغفر لهم، لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون ( لو 23: 33 ، 34)
يا لها من صلاة! ويا لها من عبارة! ترِّن فريدة بلا مثيل، لا نسمع معها لومًا ولا اتهامًا من قائلها المُعلَّق على الصليب، وحتى إلى اللحظة الأخيرة من الساعة التاسعة حين صرخ بصوت عظيم، لم ينبس بشكوى أو بما ينم عن ضجر وضيق. إنه إذ فتح فاه بهذه العبارة، إنما فتحه بنعمة فائقة الإدراك وجديدة على المسامع «يا أبتاه، اغفر لهم» كان هذا جوابه على آخر وأبشع مظهر لشر الإنسان.

لو أن الرب صلى في تلك اللحظة من أجل العسكر الرومان، ومن أجل الفعلة الجهّال الذين نفَّذوا فيه حكم الصلب، كان يمكن أن يكون هذا شيئًا عظيمًا، لكنه صلى من أجل شعبه، صلى من أجل الذين هتفوا قائلين: «أوصنا» ثم سرعان ما صرخوا قائلين: «اصلبه. اصلبه». لقد صلى من أجل الذين جازوه عن صنائع الرحمة وأعمال الخير، بالجحود الخسيس.

لقد مضى زمان التدبير السابق (تدبير الناموس) والشعب القديم كأمة لم يتصرفوا وفقًا لمسئولياتهم. كان هذا يومهم وزمانهم ولم يعلموا ما هو لسلامهم ( لو 19: 42 ) وتحت شروط ذلك التدبير، لم يكن ممكنًا أن يكون لهم رجاء. إنهم كأمة لم يُرضوا قلب الله، وبطرقات المطارق التي سمَّرت الرب على الصليب، كمل مكيال إثمهم. لكن وإن امتلأ المكيال وفاض، لم يَزَل في قلب الله، بيسوع المسيح، مُتسع للنعمة، لأنه «حيث كثرت الخطية ازدادت النعمة جدًا» ( رو 5: 20 ). لقد «أُحصيَ مع أثمة» ( إش 53: 12 )، هذا هو ما فعله الشعب بقدوس إسرائيل. ولقد «شفع في المُذنبين»، كان هذا هو الجواب العجيب من ذاك الذي جاء من السماء بالنعمة، وكان جوابه ردًا مباشرًا على طرقات المطارق.

«أحبوا أعدائكم ... وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم» ( مت 5: 44 ). هكذا تكلم الرب في موعظته على الجبل، وقليلة هي الكلمات التي تتنافر معها الطبيعة البشرية كما تتنافر مع هذه العبارة. لكن ما أصدق الرب وهو يقول عن نفسه «أنا من البدء ما أكلمكم به» ( يو 8: 25 ). وفيه توافق تمامًا بين ما علَّم به، وما عمله. والرسول بولس يقول: «نُشتم فنُبارك» ( 1كو 4: 12 ). وبذلك هو تمثُّل بذاك الذي ترك لنا مثالاً لكي نتبع خطواته.

فريتز فون كيتسل
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net