الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأربعاء 25 مايو 2005 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
الرحلة إلى السامرة
ترك اليهودية ومضى أيضًا إلى الجليل. وكان لا بد له أن يجتاز السامرة ( يو 4: 3 )
تعجبنا كلنا رحلة الابن المُسرف التي قام بها من الكورة البعيدة، أرض مذلته وتعاسته، متجهًا إلى بيت أبيه (لو15)، لأنها صورة مؤثرة لرجوع الخاطئ التائب تحت عمل وإرشاد الروح القدس إلى الله.

على أنه توجد في الإنجيل رحلة أخرى تختلف عن رحلة الابن المُسرف اختلافًا كُليًا، أو بالحري تتناسب معها تناسبًا تبادليًا محضًا. ونعني بها رحلة ذاك الذي أتى من حضن الآب، متجهًا إلى الكورة البعيدة، مفتشًا على ضالته (يوحنا4).

فالرب يسوع الذي أتى من السماء من عند الآب، مُعلنًا لنا قلب الآب في عالم الخطاة، هو الذي نراه قائمًا بتلك الرحلة الثانية. نراه يذهب إلى السامرة النجسة، التي هي صورة هذا العالم المرفوض، إذ أنها كانت كالأبرص منفصلة انفصالاً كاملاً عن أرض البر والقداسة، ومُعتبرة كأنها شيء خارج المحلة. ومع ذلك فإلى هذه الأرض الملعونة ـ أرض الضالين المُسرفين ـ قد ذهب الرب يسوع مفتشًا على امرأة خاطئة، وهي كأنها لم تَزَل مع الخنازير في حقل رجل غريب، مشتهية أن تأكل من الخرنوب، ولكن لا تجد شيئًا لنفسها.

لقد كلفته تلك الرحلة الشيء الكثير، فقد تعب وجاع وعطش، وهكذا تحت حرارة الشمس المُحرقة، جلس ربنا يسوع في ذلك المكان الذي كانت مزمعة أن تأتي إليه تلك النفس الخاطئة، وهناك أمام حاجتها نراه ينسى حاجة نفسه كُلية، وأخذ يكلمها بذلك الصبر المتولد عن المحبة، وبتلك المهارة التي توحيها المحبة عينها. نراه أولاً يكتسب ثقتها بأحسن وألطف الطرق، يطلب منها كأس ماء بارد، الشيء الذي هو أبسط خدمة معروفة بين بني البشر، أراد أن يطمئن قلبها في حضرته، وهكذا كان. وإذا انشغلت هي بأمر يهمها أكثر من عطش رجل غريب، نراه في الحال يتبعها إلى حيث اقتادتها مشغوليتها هذه، فهو قد أتى من السماء، مفتشًا على نفس ضالة، وليطلب ويخلص النفوس الهالكة، وهذا ما كان أمامه ليفعله في تلك اللحظة، ولكن هذه المرأة الخاطئة الساكنة في هذه الأرض النجسة، لم تكن تعرف ذاتها، ولهذا أخذ يعلمها وينبهها إلى حالتها. قد تغاضى ـ في لطف ـ عن جفاء إحساساتها، ولكنه لم يستطع أن يغض الطرف عن خطيتها .. ويا لروعة نعمتك يا سيدي!!

بللت
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net