الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الاثنين 3 يناير 2005 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
تعلموا المسيح
فيجب علينا نحن الأقوياء أن نحتمل أضعاف الضعفاء، ولا نُرضي أنفسنا. فليُرضِ كل واحد منا قريبه للخير (أي خيره) لأجل البنيان (بنيانه)(رو15: 1، 2)
مُجند حديث العهد بالجيش الأمريكي، كان يكنس طريقًا في إحدى الثكنات، فمرّ به رجل يرتدي بزّة عسكرية، فناداه المُجند: أيها الزميل، ساعدني في رفع هذا الصندوق جانبًا لو تكرمت.

استجاب الرجل ذو البزّة العسكرية، فشكره المُجند .. ومضى الرجل في طريقه. وما أن ابتعد قليلاً حتى أقبل جندي آخر جاحظ العينين من الدهشة والخوف، وقال للمجند: ما هذا الذي فعلت؟!! هل تعلم مَنْ هو الذي ساعدك في حمل هذا الصندوق؟!! قال المُجند: لا. فقال الجندي: إنه الجنرال برشنج.. القائد الأعلى للقوات العسكرية.

بُهت المُجند، وأسرع يجري ليلحق بالجنرال، وقال له معتذرًا: يا سيدي الجنرال.. أنا آسف جدًا. لا تؤاخذني يا سيدي، فلم يمضِ عليَّ في الجيش سوى بضع ساعات، والبزّة العسكرية في عيني سواء كلها، ولا أستطيع بعد أن أميّز بين الرتب العسكرية المختلفة، فأرجوك يا سيدي أن تغفر لي.

ابتسم القائد، وربَت على كتف المُجند برقة وعطف، وقال له: هوّن عليك يا ابني ولا تخف. ثم سكت الجنرال بُرهة، وبرقت عيناه، وعاد يقول بهدوء: ولكن اسمع نصيحتي يا بني، ولا ترتكب هذه الغلطة مع أحد من الضباط الملازمين الصغار.

وإنني حين أعود بالذاكرة إلى أيامي الخوالي، أجد أن أكثر ما لقيته من المتاعب جاءني من الضباط الصغار. فالكبار ـ أدبيًا وروحيًا ـ هم الذين يتصفون بالوداعة والتواضع، والمحبة وطول الأناة، والبساطة والرقة في التعامل مع الآخرين، بغَض النظر عن مواقعهم في الحياة. وهم الذين لا يُرضوا أنفسهم بإصرارهم بأنانية على حقوقهم، بل بالحري يتعاملون مع إخوتهم الضعفاء بلطف واعتبار، ولا يتصيدون لهم الأخطاء، بل ويلتمسون لهم الأعذار.

«لا تَقُل: كما فعل بي هكذا أفعل به. أرُد على الإنسان مثل عمله» ( أم 24: 29 ). وكلمة الله تعلمنا أن الواجب على الأقوياء روحيًا هو أن يحتملوا أضعاف الضعفاء، ولا يُرضوا أنفسهم ( رو 15: 1 ، 2). ومثالنا الكامل في هذا هو ربنا المعبود، الوديع والمتواضع القلب، الذي خَلَت حياته من كل خشونة. كان يرفق بكل عاثر أو ساقط، وكان يحنو بكل عانٍ سقيم، متأنيًا ومترفقًا بالجميع. يا ليتنا جميعًا نتعلمه.

فايز فؤاد
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net