الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الجمعة 21 يناير 2005 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
النسر ... وتحريك العش
كما يحرك النسر عُشه وعلى فراخه يرف، ويبسط جناحيه ويأخذها ويحملها على مناكبه، هكذا الرب وحده اقتاده وليس معه إله أجنبي ( تث 32: 11 ، 12)
يا له من تصرف عجيب يفعله النسر مع أفراخه، فالنسر يبني وكره في الأماكن الشاهقة الارتفاع، وعندما يلاحظ أن فراخه قد كبرت ويمكنها الطيران والاعتماد على نفسها، يُحطم عشه فتتناثر فراخه في الهواء هنا وهناك، ولأنه أول مرة تستخدم جناحيها في الطيران، فإنها تحركها بطريقة عشوائية غير منتظمة محاولة بكل ما لديها من قوة وإمكانية أن تحفظ نفسها محلّقة في الهواء، لكن لصغر حجمها ولقلة خبرتها في الطيران، ما تلبث أن تفقد توازنها وتبتدئ تهوي من هذا الارتفاع الشاهق إلى أسفل. وفي اللحظة الحاسمة يتحرك النسرـ الذي كان في كل ذلك الوقت يلاحظ ويراقب وهو ساكن لا يفعل شيئًاـ بكل سرعة وقوة ليتلقى فراخه على جناحيه القويتين، ثم يرتفع بهم مرة أخرى إلى أعلى ويلقيهم في الهواء، ليعود يتلقاهم على جناحيه ويكرر ذلك مرة بعد أخرى إلى أن تتعلم فراخه الطيران دون رهبة أو خوف، بل بثبات واتزان.

وهذا ما يفعله أيضًا الرب معنا الآن، فهناك أمور ودروس لا يمكن أن نتعلمها إلا عندما يُجيزنا الرب في تجارب أو آلام أو ظروف صعبة غير مُحببة لدينا، لكنها السبيل الوحيد للرقي والسمو الروحي.

فمَنْ يستطيع أن يقنع فراخ النسر الصغيرة أن تترك عشها الدافئ المُريح، وتغامر لتطير في أماكن لا تعرفها بل وتجهلها. ولماذا تتعب وتُجهد نفسها وهي تعيش في راحة وهدوء بال. ولماذا تتعب في البحث عن الطعام والشراب وهي تحصل على ما تحتاج إليه بكل سهولة ويُسر وهي في مكانها هذا الهادئ والجميل؟!

لكن أ يمكنها أن تتعرف على روعة ما حولها من جمال وبهاء إن لم تترك مكانها وتحلّق في أجواء السماء العالية؟ أ يمكنها أن تحصل على أطعمة متنوعة مختلف إن لم تذهب هي لتُحضرها بنفسها؟

نعم، كان لا بد أن النسر يتحرك ويبادر هو بتغيير الوضع، ويفعل ما لم تكن تتخيله فراخه على الإطلاق ولم يكن في حسبانها. كان لا بد أنه هو بنفسه يهز هذا العش الجميل الرائع وسط دهشة وحيرة الفراخ. فليس هناك وسيلة أخرى غير ذلك، لتتبدل حال فراخه إلى الأفضل والأحسن، وبغير ذلك ستظل في حالة الطفولة ولن يتحقق لها النضوج. وهو ما يفعله الله معنا في أوقات كثيرة.

عاطف إبراهيم
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net