الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 5 فبراير 2004 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
محلة وأخواتها،
والتوازن الجميل (2)
فتقدمت بنات صلفحاد .. قائلات: أبونا مات في البرية، ولم يكن في القوم الذين اجتمعوا على الرب في جماعة قورح، بل بخطيته مات ... ( عد 27: 1 -3)
يقول الوحي في فاتحة سفر العدد والأصحاح27 "تقدمت بنات صلفحاد ..". ولقد كان هذا الأمر يتطلب شهادة أدبية وجسارة، أن تتقدم بنات صغيرات إلى موسى الشيخ، ومعه ألعازار رئيس الكهنة، والرؤساء وكل الجماعة وتطالب. فهلا تعلمنا نحن شيئاً من هذه الجسارة من بنات صلفحاد؟ يقول الرسول: "فلنتقدم بثقة إلى عرش النعمة، لكي ننال رحمة، ونجد نعمة، عوناً في حينه".

وإني لأعجب ببنات صلفحاد في جانب آخر، أعني به التوازن الجميل الذي تميزن به. فلقد كان لديهن تقدير كبير لأبيهن، لكن ليس معنى ذلك أنهن بررن أباهن في كل شيء. لقد قلن عنه لموسى ولكل الجماعة إنه "بخطيته مات". وعبارة "بخطيته مات" هي إشارة إلى الخطية العامة لبني إسرائيل التي جعلت الله يقسم أن كل الجيل الذي خرج من أرض مصر سوف تسقط جثثه في القفر. كما أكدن أنه لم يكن في القوم الذين اجتمعوا على الرب في جماعة قورح ( عد 27: 3 )، ذلك لأن خطية التمرد كانت تُسقط كل حقوق الشخص، وتؤدي إلى مصادرة أملاكه (قارن 1مل21: 7). هذا معناه أنهن لم ينسبن الجهالة لله، أو يعتبرن أن عند الله ظلماً عندما قتل أباهن وهن بعد صغيرات يحتجن إلى مساعدته، بل لقد بررن الله في قضائه. وهكذا نحن أمام فتيات صغيرات يحببن ويقدرن أباهن، لكنهن أيضاً يبررن الله في كل أعماله.

ثم إننا نلاحظ أيضاً شيئاً لافتاً في معاني أسماء بنات صلفحاد، تدل على هذا الامتزاج العجيب بين صفات قد تبدو متنافرة.

فمَحَلة: تعني لطف، أو رقة. ونوعة: تعني تملق، أو إطراء. وحُجلة: هو اسم طائر عجيب، يحضن حتى ما لم يبض. ومِلكة: معناها مشورة، أو قد تعني مَلِكة. وتِرصة: تعني رضى أو مسرة.

ولقد سبق أن أشرت إلى صفة الجسارة والإقدام في بنات صلفحاد، فهن في شجاعة أدبية طالبن بحقهن، لكن هذا لم يمنع أن تكون الأولى لطيفة في تعاملها، وأن تكون الثانية عذبة في حديثها، وأن تكون الثالثة شفوقة في طبعها، وأن تكون الرابعة حكيمة في أقوالها، وأن تكون الخامسة مُسرة في التعايش معها. ويا له من مزيج عجيب بين الجسارة والشجاعة من جانب، والوداعة واللطف والرقة من الجانب الآخر، نحتاج أن نتعلمه جميعاً.

يوسف رياض
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net